للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[فالجواب]: أن ذلك يقع مثله عند شدّة الخوف، أو لعله خَشِيَ أن يكون نَسِيَ، فسأل من يُذَكِّره، وهذا هو المعتمد. انتهى ما في "الفتح" ببعض تصرّف (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

(قَالَ أَبُو خَالِدٍ) سليمان بن حيّان الأحمر رحمه الله (فَقُلْتُ لِسَعْدٍ) أي: ابن طارق، شيخه في هذا الحديث (يَا أَبَا مَالِكٍ) كنية سعد بن طارق، كما يأتي في السند التالي (مَا) استفهاميّة، أي: أيُّ معنى لقوله: (أَسْوَدُ مُرْبَادًّا؟، قَالَ) سعد (شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ) خبر لمحذوف، أي: هو شدّةُ … إلخ.

قال القاضي عياض رحمه الله كان بعض شيوخنا يقول: إنه تصحيفٌ، وهو قول القاضي أبي الوليد الكنانيّ، قال: أَرَى أن صوابه شِبْهُ البياض في سواد، وذلك أنّ شِدّة البياض في سواد لا يُسَمَّى رُبْدَةً (٢)، وإنما يقال لها: بَلَقٌ إذا كان في الجسم، وحَوَرٌ إذا كان في العين، والرُّبْدة إنما هو شيءٌ من بياض يسير، كلون أكثر النَّعَام، ومنه قيل للنعامة: رَبْدَاء، فصوابه شِبْه البياض، لا شِدّةُ البياض.

قال أبو عبيد، عن أبي عمرو وغيره: "الرُّبْدَةُ": لونٌ بين السواد والغبرة، وقال ابن دُرَيد: "الرُّبْدة": لون أَكْدَرُ، وقال غيره: هي أن يختلط السواد بكدرة، وقال الحربيّ: لونُ النعام بعضه أسود، وبعضه أبيض، ومنه ارْبَدَّ لونه إذا تَغَيَّر، ودخله سواد، وإنما سُمّي النعام أربد؛ لأن أعالي ريشه إلى السواد، وقال نِفْطويه: المُرْبَدُّ: المُلَمَّعُ بسواد وبياض، ومنه تَرَبَّدَ لونه؛ أي: تَلَوَّن، فصار كلون الرماد. انتهى (٣).

(قَالَ) أبو خالد (قُلْتُ) لسعد (فَمَا الْكُوزُ مُجَخِّيًا؟) أي: فما معنى قوله: "كالكُوز مجخّيًا؟ " (قَالَ) سعد (مَنْكُوسًا) أي: مقلوبًا، وقد تقدّم تفسير بعض أهل اللغة له بالمائل، ولا تنافي بينهما؛ لأن المنكوس مائل عن الاستقامة،


(١) راجع: "الفتح" ٦/ ٧٠٢ "كتاب المناقب" رقم الحديث (٣٥٨٦).
(٢) "الرُّبْدة" وِزانُ غُرْفة: لون يختلط سواده بكُدرة، قاله في "المصباح" ١/ ٢١٥.
(٣) "إكمال المعلم" ١/ ٥٧٥ - ٥٧٦.