للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

آخره: "قال: فقلنا لحذيفة: هل كان عمر يَعْلَمُ من الباب؟ قال: نعم، كما يَعلَم أنّ دون غدٍ الليلةَ (١)، إني حدّثته حديثًا ليس بالأغاليط، قال: فهِبنا (٢) أن نسأل حذيفة من الباب؟، فقلنا لمسروق (٣): سَلْهُ، فسأله، فقال: عمر" (٤). انتهى.

قال ابن بطَّال رحمه الله: إنما عَلِمَ عمر - رضي الله عنه - أنه الباب؛ لأنه كان مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على حراء، وأبو بكر، وعثمان، فَرَجَفَ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اثْبُتْ، فإنما عليك نبيّ، وصِدِّيقٌ، وشهيدان" (٥)، أو فَهِمَ ذلك من قول حذيفة - رضي الله عنه -: "بل يُكْسَر". انتهى.

قال الحافظ بعد كلام ابن بطّال هذا، ما نصّه: والذي يظهر أن عمر - رضي الله عنه - عَلِمَ الباب بالنص، كما قدمت عن عثمان بن مظعون، وأبي ذرّ، فلعل حذيفة حَضَرَ ذلك، وقد أخرج البخاريّ في "كتاب بدء الخلق" حديث عمر - رضي الله عنه - "أنه سمع خطبة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّث عن بدء الخلق، حتى دخل أهل الجنة منازلهم"، وأخرج في "كتاب المناقب" عن حُذيفة - رضي الله عنه - أنه قال: أنا أعلم الناس بكل فتنة، هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وفيه أنه سمع ذلك معه من النبيّ جماعة ماتوا قبله.

[فإن قيل]: إذا كان عمر - رضي الله عنه - عارفًا بذلك، فلمَ يَشُكّ فيه حتى سأل عنه؟.


(١) أي أن ليلة غد أقرب إلى اليوم من غد. اهـ. "فتح" ٦/ ٧٠٢.
(٢) بكسر الهاء: أي خِفْنا.
(٣) هو ابن الأجدع من كبار التابعين، وكان من أخصّاء أصحاب ابن مسعود، وحذيفة، وغيرهما من كبار الصحابة - رضي الله عنهم -، ودَلَّ ذلك على حسن تأدبهم مع كبارهم. انتهى. "فتح" ٦/ ٧٠٢.
(٤) قال الكرمانيّ - رضي الله عنه -: تقدم قوله: "إن بين الفتنة وبين عمر بابًا"، فكيف يُفَسِّر الباب بعد ذلك أنه عمر؟.
والجواب: إن في الأول تجوزًا، والمراد: بين الفتنة وبين حياة عمر، أو بين نفس عمر، وبين الفتنة بدنُهُ؛ لأن البدن غير النفس. انتهى.
(٥) أخرجه البخاريّ في "صحيحه" برقم (٣٦٧٨).