للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منه الغرض، مع أنه ليس إخبارًا لعمر بأنه يُقْتَل. انتهى (١).

(حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأغَالِيطِ) أي: حدّثته حديثًا، فهو مفعول مطلق لمقدّر، و"الأغاليط": بالفتح جمع أُغلُوطة، وهي التي يُغالَط بها، فمعناه حَدَّثته حديثًا صدقًا مُحَقَّقًا، ليس هو من صُحُف الكتابيين، ولا من اجتهاد ذي رأي، بل من حديث النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

والحاصل أن الحائل بين الفتن والإسلام عمر - رضي الله عنه -، وهو الباب، فما دام حَيًّا لا تدخل الفِتَنُ، فإذا مات دخلت الفِتَن، وكذا كان، قاله النوويّ رحمه الله (٢).

وقال القاضي عياضٌ رحمه الله: قوله: "ليس بالأغاليط" قال ابن دُريد: "المَغَاليط": الكَلِم التي يُغالط بها، واحدها مَغْلَطَةٌ، وأُغْلُوطةٌ، وجمعها أَغَاليطُ، ومعناه: حدّثته حديثًا صِدْقًا، ليس فيه غَلَطٌ لقائله، ولا سامعه، كما بيّنه بقوله: "إن عمر كان يعلم مَنِ الباب"، يعني: أنه كان عنده، وعند عمر من قِبَل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وليس من رأيه، وحديثه، ولا من صُحُف الكتابيين حيثُ تُتَصَوَّر الأغاليط.

وقال الداوديّ: معناه: ليس بالصغير الأمر، ولا اليسير الرزيّة، قال عياضٌ: والصواب الأول. انتهى (٣).

[تنبيه]: قد وافق حذيفةَ - رضي الله عنه - على معنى روايته هذه أبو ذرّ - رضي الله عنه -، فروى الطبراني بإسناد رجاله ثقات، أنه لَقِي عمر - رضي الله عنه -، فأخذ بيده، فغمزها، فقال له أبو ذر: أَرْسِل يدي يا قُفْل الفتنة … الحديث، وفيه أن أبا ذرّ قال: "لا يصيبكم فتنة ما دام فيكم"، وأشار إلى عمر - رضي الله عنه -، ورَوَى البزار من حديث قُدامة بن مظعون، عن أخيه عثمان، أنه قال لعمر: يا غَلَقَ الفتنة، فسأله عن ذلك، فقال: مررتَ، ونحن جلوس عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "هذا غلق الفتنة، لا يزال بينكم وبين الفتنة بابٌ شديدُ الغلق ما عاش"، ذكره في "الفتح" (٤).

[تنبيه آخر]: زاد في رواية الأعمش، عن شقيق الآتية في "الفتن" في


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ١٧٣.
(٢) "شرح النوويّ" ٢/ ١٧٥.
(٣) "إكمال المعلم" ١/ ٥٧٩.
(٤) راجع: ٦/ ٧٠١ "كتاب المناقب" رقم الحديث (٣٥٨٦).