وقال الأصمعيّ: إذا اخْضَرَّ حَبُّه، واستدارَ فهو خَلَالٌ، فإذا عَظُمَ فهو البُسْرُ، فإذا احْمَرَّتْ فهي شِقْحَةٌ، وبَسَطْتُ ذلك في الرَّوْض المَسْلُوف فيما له اسْمَانِ إلى أُلُوف. انتهى من "القاموس، وشرحه" (١).
وقد نظمت ذلك بقولي:
لِثَمَرِ النَّخْلِ مَرَاتِبُ وَرَدْ … أَوَلُهَا طَلْعٌ فَإِنْ هُوَ انْعَقَدْ
فَقُلْ سَيَابٌ كَسَحَابٍ فَإِذَا … اخْضَرَّ وَاسْتَدَارَ فَاسْمَهُ خُذَا
جَدَالٌ اوْ سَرَادٌ اوْ خَلَالُ … وَزْنَ سَحَابٍ كُلُّهَا تُقَالُ
بَغْوٌ إِذَا كَبِرَ شَيْئًا وَإِذَا … عَظُمَ بُسْرٌ ثُمَّ بَعْدُ أُخِذَا
مُخَطَّمٌ مِثْلُ مُعَظَّمٍ يَلِي … مُوَكِّت مِثْلُ مُعَلِّمٍ جَلِي
ثُمَّ يَلِي التُّذْنُوبُ ثُمَّ جُمْسَةُ … فَثَعْدَةٌ فَخَالِعٌ خَالِعَةُ
إِذَا انْتَهَى النُّضْجُ يُسَمَّى رُطَبَا … كَذَاكَ مَعْوًا مِثْلَ فَلْسٍ صَحِبَا
مُنَاصِفُ إِنْ كُلُّهُ لَمْ يَنْضِجِ … وَبَعْدَهُ تَمْرٌ مُتَمِّمًا يَجِي
وَذَكَرَ الأَصْمَعِيّ أَنَّهُ إِذَا … اخْضَرَّ وَاسْتَدَارَ حَبُّهُ حَذَا
بِكَوْنِهِ الْخَلَالَ ثُمَّ إِنْ عَظُمْ … بُسْرٌ إِنِ احْمَرَّتْ بِشِقْحَةٍ تُسَمّْ
وَهَكَذَا ذَكَرَ في "الْقَامُوسِ" … و"شَرْحِهِ" الْحِلْيَةِ لِلْعَرُوسِ
(وَالتَّمْرُ")؛ يعني: أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن الجمع بين النوعين في الانتباذ؛ لمسارعة الإسكار، والاشتداد عند الخلط.
فقوله: "أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أن يُخْلَط التمر والزبيب، والبُسر والتمر"، وفي رواية: "نَهَى أن يُنبذ التمر والزبيب جميعًا، ونَهَى أن يُنبذ الرُّطَب والبُسر جميعًا"، وفي رواية: "لا تجمعوا بين الرُّطَب والبسر، وبين الزبيب والتمر نَبِيذًا"، وفي رواية: "مَن شَرِب النبيذ منكم فليشربه زبيبًا فَرْدًا، أو تمرًا فردًا، أو بُسرًا فردًا"، وفي رواية: "لا تَنْتَبِذوا الزَّهْو والرُّطَب جميعًا".
فهذه الأحاديث صريحة في النهي عن انتباذ الخليطين وشربهما، وهما تمر وزبيب، أو تمر ورُطَب، أو تمر وبُسر، أو رطب وبسر، أو زهو وواحد من هذه المذكورات، ونحو ذلك، ثم إن هذا النهي للتحريم، كما قال به بعض
(١) "تاج العروس من جواهر القاموس" ١/ ٢٥١١.