وإذا رجعت إلى ترجمته لَمْ تجد من وثّقه إلَّا أن ابن حبّان ذكره في "الثقات"، ولذا قال عنه في "التقريب": مقبول من السابعة.
وأما صفيّة بنت عطيَّة، فهي مجهولة؛ لَمْ يرو عنها إلَّا عتّاب بن عبد العزيز، وهي جدّته، وقال عنها في "التقريب": لا تُعرف.
فتبيّن بهذا أن الحديث ضعيف، فكيف يعارِض العينيّ به ما اتّفق عليه الشيخان، هيهات هيهات.
ثم ذكر حديثًا آخر أخرجه أبو داود بسنده عن امرأة من بني أسد، عن عائشة - رضي الله عنها -: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يُنبذ له زبيب، فيلقي فيه تمرًا، وتمرٌ فيلقي فيه الزبيب. انتهى.
وهذا كما ترى حديث ضعيف أيضًا؛ لأنه من رواية امرأة مجهولة، لا تقوم بها الحجة، فكيف يعارض العينيّ بها ما في "الصحيحين" نصرًا، وتعصّبًا لمذهبه؟ والله المستعان.
وأيضًا قال: أخرج محمد في "كتاب الآثار"(ص ١٢٠) عن أبي حنيفة، عن سليمان الشيبانيّ، عن ابن زياد أنه أفطر عند عبد الله بن عمر، فسقاه شرابًا له، فكأنه أخذ فيه، فلما أصبح، قال: ما هذا الشراب؟ ما كنت أهتدي إلى منزلي، فقال عبد الله: ما زدناك على عجوة وزبيب. انتهى.
وهذا الإسناد يحتاج إلى بحث، فمن هو ابن زياد؟ وعلى تقدير صحّته، فهو فِعل ابن عمر - رضي الله عنهما - موقوفًا عليه، فلا يُعارَض به ما صحَّ عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وذكر صاحب "التكملة"(١) حديثًا آخر أيضًا، فقال: أخرج محمد أيضًا عن أبي حنيفة، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يُنبذ له نبيذ الزبيب، فلم يكن يستمرئه، فقال للجارية: اطرحي فيه تمرات. انتهى.
وهذا أيضًا لو صحّ فإنه فِعل ابن عمر، لا يعارَض به المرفوع، كما أسلفناه، فتبيّن بهذا أن ما شغّب به العينيّ على من ردّ على مذهبه مجرّد تعصّب، لا وزن له في التحقيق، فلا تغترّ بسكوت صاحب "التكملة"، وغيره