للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حنيفة لَمْ يكن قال ذلك برأيه، وإنما مستنده في ذلك أحاديث، ثم ذكر ثلاثة أحاديث كلها ضعيفة:

(الأول): ما أخرجه أبو داود من طريق أبي بحر، ثنا عتّاب بن عبد العزيز الْحِمّانيّ، حدّثتني صفية بنت عطية، قالت: دخلت مع نسوة من عبد القيس على عائشة، فسألناها عن التمر والزبيب، فقالت: كنت آخذ قبضة من تمر، وقبضة من زبيب، فألقيه في إناء، فأمرسه، ثم أسقيه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١).

ولمّا اعترض عليه ابن حزم بأن في إسناده أبا بحر لا يُدرى من هو؟ أجاب العينيّ بأن ابن عديّ قال: أبو بحر مشهور معروف، وله أحاديث غرائب عن شعبة وغيره من البصريين، وهو ممن يُكتب حديثه، وذكر عن كتاب السامي قول يحيى بن سعيد: هو صدوقٌ صاحب حديث، وهو عبد الرَّحمن بن عثمان بن أميّة بن عبد الرَّحمن بن أبي بكرة البكراويّ، وذكره ابن شاهين، وابن حبّان في "كتاب الثقات"، وقال البخاريّ: لَمْ يستبن لي طرحه، وقال أبو عمر، وأحمد بن صالح العجليّ: هو ثقةٌ بصريّ. انتهى كلام العينيّ.

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا ردّ العينيّ على ابن حزم بكلام بعضهم مما يدلّ على تقويته، وليس الأمر كما زعم، فإن الأكثرين على تضعيفه، قال أحمد: طرح الناس حديثه، وقال ابن معين: ضعيف، وقال ابن المدينيّ: ذهب حديثه، وقال أبو داود: تركوا حديثه، وقال أبو حاتم: ليس بقويّ، يُكتب حديثه، ولا يُحتجّ به، وقال النسائيّ: ضعيف، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقويّ عندهم، وقال ابن حبّان: يروي المقلوبات عن الأثبات، فلا يجوز الاحتجاج به، هذا كله من "تهذيب التهذيب"، وقال في "التقريب": ضعيف من التاسعة، فتبيّن بهذا أن الرجل لا يجوز الاحتجاج به لو لَمْ يعارِض ما رواه حديثًا صحيحًا، فكيف بأحاديث اتفق عليها الشيخان، فهيهات هيهات.

وأما عتّاب بن عبد العزيز، فقال العينيّ: روى عنه يزيد بن هارون، وأحمد بن سعيد الدارميّ، وآخرون، وذكره ابن حبّان في "الثقات"، هذا ما قاله العينيّ.


(١) "سنن أبي داود" ٣/ ٣٣٣.