لا يحتمل التأويل، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكرًا"، وفي لفظ:"نهيتكم عن الظروف وإن الظروف - أو ظرفًا - لا يُحِلّ شيئًا ولا يُحَرِّمه، وكلُّ مسكر حرام"، وفي لفظ:"كنت نهيتكم عن الأشربة في ظروف الأَدَم، فاشربوا في كل وعاء، غير أن لا تشربوا مسكرًا".
فدلالة النصّ على أن النسخ عاتم في جميع الأوعية، لا يُخص منه شيءٌ، مما لا يتردد فيها ذو فهم.
والحاصل أن النهي الوارد في الانتباذ في الأوعية منسوخ، فيجوز الانتباذ في أيّ وعاء كان، مع تجنّب المسكر، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[٥١٥٨](١٩٩٣) - (وَحَدَّثَني عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الدُّبَّاء، وَالْمُزَفَّت، أَنْ يُنْتَبذَ فِيه، قَال: وَأَخْبَرَهُ أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَنْتَبِذُوا فِي الدُّبَّاء، وَلَا في الْمُزَفَّتِ"، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاجْتَنِبُوا الْحَنَاتِمَ).
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (عَمْرٌو النَّاقِدُ) هو: عمرو بن محمد بن بُكير، تقدّم قريبًا.
٢ - (سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ) تقدّم أيضًا قريبًا.
والباقون ذُكروا قبله.
وقوله:(قَال: وَأَخْبَرَهُ أَبُو سَلَمَةَ. . . إلخ) فاعل "قال" ضمير الزهريّ، وقوله:"وأخبره" فيه التفات، والظاهر أن يقول: وأخبرني. . . إلخ، وجعل بعض الشرّاح فاعل "قال" ضمير ابن عيينة، والأول أَولى، فقد ساقه أبو عوانة في "مسنده"(١)، فقال: قال الحميديّ، قال: وثنا سفيان قال: ثنا الزهريّ، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن. . . إلخ، والله تعالى أعلم.
وقوله:(ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاجْتَنِبُوا الْحَنَاتِمَ)؛ أي: أخذًا من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -،