للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا من عنده، بدليل الروايتين التاليتين، قال: "عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن المزفّت، والحنتم، والنقير"، وإنما غيّر الأسلوب، فقال: "ثم يقول أبو هريرة. . . إلخ" إشارة إلى أنه وافق أنسًا - رضي الله عنهما - في قوله: "نهى عن الدباء والمزفّت"، ثم زاد أبو هريرة مما سمعه عنه - صلى الله عليه وسلم - الحنتم، فقال: و"اجتنبوا الحناتم".

و"الحناتم": جمع حنتم، - بحاء مهملة مفتوحة، ثم نون ساكنة، ثم تاء مثناة من فوقُ مفتوحة، ثم ميم - والواحدة حنتمة، قال النوويّ رحمه الله: اختُلف في تفسيرها:

[فأصح الأقوال، وأقواها]: أنها جرار خُضْر، وهذا التفسير ثابت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في الرواية التالية، وهو قول عبد الله بن مغفل الصحابيّ - رضي الله عنه -، وبه قال الأكثرون، أو كثيرون من أهل اللغة، وغريب الحديث، والمحدثين، والفقهاء.

[الثاني]: أنها الجرار كلها، قاله عبد الله بن عمر، وسعيد بن جبير، وأبو سلمة.

[والثالث]: أنها جرار يؤتى بها من مصر، مُقَيَّرات الأجواف، ورُوي ذلك عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، ونحوه عن ابن أبي ليلى، وزاد أنها حُمْر.

[والرابع]: عن عائشة - رضي الله عنها -: جرار حُمْر أعناقها في جُنُوبها، يُجلب فيها الخمر من مصر.

[والخامس]: عن ابن أبي ليلى أيضًا: أفواهها في جنوبها يُجلب فيها الخمر من الطائف، وكان ناس ينتبذون فيها يضاهون به الخمر.

[والسادس]: عن عطاء: جِرَار كانت تُعمل من طين وشعر ودَم.

وأما معنى النهي عن هذه الأربع، فهو أنه نهي عن الانتباذ فيها، وهو أن يُجعل في الماء حبات، من تمر، أو زبيب، أو نحوهما؛ ليحلو ويُشرَب، وإنما خُصّت هذه بالنهي؛ لأنه يُسرع الإسكار فيها، فيصير حرامًا، وتبطل ماليّته، فنُهي عنه؛ لِمَا فيه من إتلاف المال، ولأنه ربما شربه بعد إسكاره مَن لم يَطّلع عليه، ولم يَنهَ عن الانتباذ في أسقية الأدم، بل أَذِنَ فيها؛ لأنها لرِقّتها لا يخفى فيها المسكر، بل إذا صار مسكرًا شقّها غالبًا.