للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من سداسيات المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -، وأنه مسلسل بالبصريين إلى شعبة، وابن عمر مدنيّ، والباقيان كوفيّان، وفيه رواية تابعي عن تابعيّ، وفيه ابن عمر - رضي الله عنهما - من العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عن عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ) الجمليّ، أنه (قَالَ: حَدَّثَنِي زَاذَانَ) الكنديّ (قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - (حَدَّثْنِي بِمَا) موصولة؛ أي: باليء الذي (نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الأَشْرِبَةِ بِلُغَتِكَ)؛ أي: باللغة التي تتداولونها في المدينة، (وَفَسَّرْهُ لِي بِلُغَتِنَا)؛ أي: باللغة التي نتداولها في الكوفة، فكلا اللغتين عربيتان، إلَّا أن كلّ قوم من العرب لهم لهجات تخالف لهجات الآخرين، كما جرى هنا تفسير ابن عمر، فإن الألفاظ المفسّرة، وتفسيرها كلاهما عربيّان، فقوله: (فَإِنَّ لَكُمْ لُغَةً سِوَى لُغَتِنَا) يريد الاختلاف في بعض الألفاظ، لا في أصل اللغة، فإن الكوفة من عراق العرب، لا من عراق العجم، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(فَقَالَ) ابن عمر - رضي الله عنهما - (نَهَى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْحَنْتَمِ)؛ أي: عن الانتباذ فيه، ثم فسّره له بلغته، فقال: (وَهِيَ الْجرَّةُ) بفتح الجيم، وتشديد الراء، وفي رواية النسائيّ: "وهو الذي تسمّونه أنتم الجرّة". (وَعَنِ الدُّبَّاءِ)؛ أي: ونهى عن الانتباذ في الدبّاء، ثم فسّره له، فقال: (وَهِيَ الْقَرْعَةُ) بفتح، فسكون، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الْقَرْع: المأكول بسكون الراء، وفتحِها لغتان، قاله ابن السِّكِّيت، والسكون هو المشهور في الكتب، وهو الدبّاء، ويقال: ليس القرع بعربيّ، قال ابن دريد: وأحسبه مشبّهًا الرأس الأقرع. انتهى (١).

(وَعَنِ الْمُزَفَّتِ)؛ أي: ونهى عن الانتباذ في الإناء المزَفّت، ثم فسّره له بلغته: (وَهُوَ الْمُقَيَّرُ)؛ أي: المطليّ بالقار، وهو الزفت. (وَعَنِ النَّقِيرِ)؛ أي: ونهى عن الانتباذ بالنقير، ثم فسَّره له بلغته، فقال: (وَهْيَ النَّخْلَةُ تُنْسَحُ نَسْحًا) بالحاء المهملة، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هكذا هو في معظم الروايات، والنسح بسين،


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٩٩.