للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه التصريح بنسخ النهي عن الانتباذ في الأوعية الكثيفة، كالدباء، والحنتم، والنقير، وغيرها؛ لأنَّ تور الحجارة أكثف من هذه كلها، وأَولى بالنهي منها، فلمّا ثبت أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انتُبِذ له فيه دلّ على النسخ، وهو موافق لحديث بُريدة الآتي: "كنت نهيتكم عن النبيذ إلَّا في سقاء، فاشربوا في الأسقية كلِّها، ولا تشربوا مسكرًا" (١)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أَوَّل الكتاب قال:

[٥١٩٤] ( … ) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُنْبَذُ لَهُ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ).

رجال هذا الإسناد: أربعة:

١ - (أَبُو عَوَانَةَ) وضّاح بن عبد الله اليشكريّ الواسطيّ، تقدّم قريبًا.

والباقون ذُكروا قبله.

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من رباعيّات المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -، كلاحقه، وهو (٣٨٠) من رباعيّات الكتاب.

وقوله: (كَانَ يُنْبَذُ لَهُ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ) ببناء الفعل للمفعول، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: التور: بالتاء المثناة فوقُ، وفي الرواية الأخرى: "تَوْر من بِرَام"، وهو بمعنى قوله: "من حجارة"، وهو قَدَحٌ كبيرٌ، كالقِدْر، يُتَّخذ تارةً من الحجارة، وتارةً من النحاس، وغيره. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": "التور" - بفتح المثناة -: إناء من حجارة، أو من نحاس، أو من خشب، ويقال: لا يقال له: تور إلَّا إذا كان صغيرًا، وقيل: هو قدح كبير، كالقِدْر، وقيل: مثل الطَّسْت، وقيل: كالإِجّانة، وهي بكسر الهمزة، وتشديد الجيم، وبعد الألف نون: وعاء. انتهى (٣).


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٦٦ - ١٦٧.
(٢) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٦٦.
(٣) "الفتح" ١٢/ ٦٣١.