للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن الصحابة شيء، ولا عن التابعين، إلَّا عن إبراهيم النخعيّ، قال: وقد ثبت حديث عائشة - رضي الله عنها -: "كلّ شراب أسكر فهو حرام".

وأما ما أخرج ابن أبي شيبة، من طريق أبي وائل: "كنا ندخل على ابن مسعود، فيسقينا نبيذًا شديدًا"، ومن طريق علقمة: "أكلت مع ابن مسعود، فأُتينا بنبيذ شديد، نبذته سيرين، فشربوا منه".

[فالجواب عنه]: من ثلاثة أوجه:

[أحدها]: لو حُمل على ظاهره، لَمْ يكن معارِضًا للأحاديث في تحريم كلّ مسكر.

[ثانيها]: أنه ثبت عن ابن مسعود - رضي الله عنه - تحريم المسكر قليله وكثيره، فإذا اختلف النقل عنه، كان قوله الموافق لقول إخوانه من الصحابة، مع موافقة الحديث المرفوع أَولى.

[ثالثها]: يَحْتَمِل أن يكون المراد بالشدّة شدّة الحلاوة، أو شدة الحموضة، فلا يكون فيه حجة أصلًا.

وأسند أبو جعفر النحاس، عن يحيى بن معين، أن حديث عائشة - رضي الله عنها -: "كلّ شراب أسكر، فهو حرام"، أصح شيء في الباب.

وفي هذا تَعَقُّب على من نقل عن ابن معين أنه قال: لا أصل له، وقد ذكر الزيلعيّ في "تخريج أحاديث الهداية"، وهو من أكثرهم اطلاعًا: أنه لَمْ يثبت في شيء من كتب الحديث نَقْل هذا عن ابن معين. انتهى.

وكيف يتأتى القول بتضعيفه، مع وجود مخارجه الصحيحة، ثم مع كثرة طرقه؟ حتى قال الإمام أحمد: إنها جاءت عن عشرين صحابيًّا، فأورد كثيرًا منها في "كتاب الأشربة" المفرد، فمنها ما تقدم، ومنها حديث ابن عمر الآتي عند مسلم آخر الباب، وحديث عمر بلفظ: "كلّ مسكر حرام"، عند أبي يعلى، وفيه الإفريقي، وحديث عليّ، بلفظ: "اجتنبوا ما أسكر"، عند أحمد، وهو حسن، وحديث ابن مسعود، عند ابن ماجة، من طريق ليّن بلفظ عمر، وأخرجه أحمد من وجه آخر ليّن أيضًا، بلفظ عليّ، وحديث أنس، أخرجه أحمد بسند صحيح، بلفظ: "ما أسكر فهو حرام"، وحديث أبي سعيد، أخرجه البزار بسند صحيح، بلفظ عمر، وحديث الأشج العَصَري، أخرجه أبو يعلى كذلك بسند