للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تنفير، كقوله تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} الآية [طه: ٤٤] انتهى (١)، وتقدّم في "الزكاة" بأتمّ مما هنا، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

وقوله: (وَأُرَاهُ قَالَ) يَحْتَمل أن يكون الشكّ من أبي موسى - رضي الله عنه -؛ أي: أظنّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ("وَتَطَاوَعَا" أي: فيما بينهما، ليُطع أحدكما الآخر فيما يأمره به، وقد مرّ في "الزكاة" من غير شك، ولفظه: "وتطاوعا، ولا تختلفا".

(قَالَ) أبو موسى (فَلَمَّا وَلَّى رَجَعَ أَبُو مُوسَى) فيه التفات؛ إذ الظاهر أن يقول: فلمّا وليتُ رجعتُ، ويَحْتَمِل أن يكون من كلام أبي بردة، والوجه الأول أظهر، لأنَّ هذا ظاهر أنه منقطع؛ لأنَّ أبا بردة لَمْ يشهد القصّة، وإن كان يمكن تأويله بأنه أخذه من أبيه، فتأملّ.

(فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ لَهُمْ)؛ أي: لأهل اليمن (شَرَابًا مِنَ الْعَسَلِ) هو المسمّى بالبتع كما بيّنه في الرواية التالية، (يُطْبَخُ) بالبناء للمفعول، (حَتَّى يَعْقِدَ) بفتح الياء، وكسر القاف، يقال: عَقَدت الْعَسَل، ونحوه، وأعقدته، هكذا ضبطه النوويّ، والذي في "القاموس" و"شرحه": وعَقّدته تعقيدًا بالتشديد -: أغليته حتى غَلُظَ، كأعقدته فهو مُعْقَد، قال الكِسائيّ: ويقال للقَطِران والرُّبِّ ونحوِه: أَعقَدْتُه حتى تَعَقَّدَ، وفي "المحكم": عَقَدَ العَسَلُ، والرُّبُّ، ونحوهما يَعْقِدُ، وانعَقَدَ، وأعقَدْتُه، فهو مُعْقَدٌ، وعَقِيدٌ: غَلُظَ. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: يستفاد مما ذَكَره في "القاموس"، و"شرحه" أن عَقَد بالتخفيف ثلاثيًّا لازم، وأما المتعدّي، فهو أعقدته بالألف، أو عقّدته بالتشديد، فيكون الصواب في عبارة النووي: "عَقَدَ العسلُ ونحوه"، فالعسل مرفوع على الفاعليّة، وليس منصوبًا، ويكون معنى "حتى يعقِد"؛ أي: حتى يَغْلُظ، فتأمل، والله تعالى أعلم.

(وَ) لهم (الْمِزْرُ) بالكسر، (يُصْنَعُ) بالبناء للمفعول، (مِنَ الشَّعِير، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كُلُّ مَا أَسكَرَ عَنِ الصَّلَاةِ)؛ أي: صدّ عن إقامتها بسبب إسكاره، كما قال تعالى: {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}


(١) "الفتح" ٩/ ٤٧٨، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٤١).
(٢) "تاج العروس" ١/ ٢١٢٩.