للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بلفظ الواحد، ووقع في بعضها: "فادعوا اللَّه لي" بلفظ التثنية، للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر، وكلاهما ظاهر صحيح. (وَلَا أَضُرُّكَ، قَالَ) البراء عن أبي بكر -رضي اللَّه عنهما- (فَدَعَا اللَّهَ)؛ أي: دعا النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُنجي سراقة، فنجى، وفي رواية ابن حبّان: "وقال: اللهم اكفناه بما شئت". (قَالَ) البراء عن أبي بكر أيضًا (فَعَطِشَ) بكسر الطاء، (رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَمَرُّوا) كذا بواو الجمع؛ أي: مرّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبو بكر، ومن معهما من الدليل، كما ثبت في الروايات الأخرى، (بِرَاعِي غَنَمٍ) قال الحافظ: لم أقف على تسمية هذا الراعي، ولا على تسمية صاحب الغنم إلا أنه جاء في حديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- شيء تمسَّك به من زعم أنه الراعي، وذلك فيما أخرجه أحمد، وابن حبّان من طريق عاصم، عن زِرّ، عن ابن مسعود، قال: "كنت أرعى غنمًا لعقبة بن أبي معيط، فمر بي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر، فقال: يا غلام هل من لبن؟ قلت: نعم، ولكني مؤتمن. . . " الحديث، وهذا لا يصلح أن يفسّر به الراعي في حديث البراء؛ لأن ذاك قيل له: هل أنت حالب؟ فقال: نعم، وهذا أشار بأنه غير حالب، وذاك حَلَب من شاة حافل، وهذا من شاة لم تُطْرَق، ولم تَحْمِل، ثم إن في بقية هذا الحديث ما يدلّ على أن قصته كانت قبل الهجرة؛ لقوله فيه: "ثم أتيته بعد هذا، فقلت: يا رسول اللَّه علّمني من هذا القول"، فإن هذا يُشعر بأنها كانت قبل إسلام ابن مسعود، وإسلام ابن مسعود كان قديمًا قبل الهجرة بزمان، فبَطَل أن يكون هو صاحبَ القصة في الهجرة، واللَّه أعلم. انتهى (١).

(قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ) -رضي اللَّه عنه- (فَأَخَذْتُ قَدَحًا، فَحَلَبْتُ) المراد أنه أمر ذلك الغلام بالحَلْب، كما تقدّم في الرواية المطوّلة، حيث قال: "قلت: أفتحلُب لي؟ قال: نعم، فأخذ شاةً، فقلت له: انفُض الضرع من الشعر والتراب والقَذَى، قال: فحلب لي في قَعْب معه كُثْبةً من لبن". (فِيهِ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) الجارّان متعلّقان بـ "حلبت"؛ أي: حلبت في ذلك القدح لأجل أن يشرب -صلى اللَّه عليه وسلم- منه، (كُثْبَةً) -بضم الكاف، وإسكان الثاء المثلثة، وبعدها موحّدة- وهو الشيء القليل، وقوله: (مِنْ لَبَنٍ) بيان لـ "كُثبة"، (فَأَتَيْتُهُ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (بِهِ)؛ أي: بذلك اللبن


(١) "الفتح" ٨/ ٣٢٣، كتاب "فضائل أصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-" رقم (٣٦٥٢).