للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المدينة (١)، قلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم، قلت: أفتحلُب لي؟ قال: نعم، فأخذ شاة، فقلت له: انفُض الضرع من الشعر والتراب والقَذَى، قال: فرأيت البراء يضرب بيده على الأخرى ينفض، فحلب لي في قَعْب معه كُثْبةً من لبن، قال: ومعي إداوة أرتوي فيها للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ ليشرب منها، ويتوضأ، قال: فأتيت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكَرِهت أن أوقظه من نومه، فوافقته استيقظ، فصببت على اللبن من الماء حتى بَرَدَ أسفله، فقلت: يا رسول اللَّه اشرب من هذا اللبن، قال: فشَرِب حتى رَضِيتُ، ثم قال: "ألم يَأْنِ للرحيل؟ " قلت: بلي، قال: فارتحلنا بعدما زالت الشمس، واتبعَنا سراقة بن مالك، قال: ونحن في جَلَد (٢) من الأرض، فقلت: يا رسول اللَّه أُتِينا، فقال: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}، فدعا عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فارتطمت فرسه إلى بطنها -أُرَى- فقال: إني قد علمت أنكما قد دعوتما عليّ، فادعوا لي، فاللَّه لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا اللَّه، فنَجَى، فرجع لا يلقى أحدًا إلا قال: قد كُفيتكم ما ها هنا، فلا يلقى أحدًا إلا ردّه، قال: ووفى لنا. انتهى.

(فَأَتْبَعَهُ)؛ أي: اتّبع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ) -بضم الجيم، والشين المعجمة، وإسكان العين بينهما- ويقال: بفتح الشين، حكاه الجوهريّ في "الصحاح" عن الفرّاء، والصحيح المشهور ضمّها، وهو أبو سفيان الكنانيّ، ثم الْمُدلِجيّ الصحابيّ المشهور، من مسلمة الفتح، ومات في خلافة عثمان -رضي اللَّه عنهما- سنة أربع وعشرين، وقيل: بعدها، وتقدّمت ترجمته في "كتاب الحجِّ" ١٧/ ٢٩٤٣.

وفي رواية إسرائيل: "فارتحلنا، والقوم يطلبوننا، فلم يُدركنا غير سُراقة بن مالك بن جُعْشُم".

(قَالَ) البراء عن أبي بكر -رضي اللَّه عنهما- (فَدَعَا عَلَيْهِ)؛ أي: على سُراقة، (رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَسَاخَتْ فَرَسُهُ) -بالسين المهملة، وبالخاء المعجمة- ومعناه: نزلت في الأرض، وقبضتها الأرض، وكان في جَلَد من الأرض، كما جاء في الرواية الأخرى. (فَقَالَ) سراقة (ادْعُ اللَّهَ لِي) هكذا في بعض النسخ: "ادع اللَّه"


(١) المراد بها مكة، لا المدينة النبويّة، فتنبّه.
(٢) "الْجَلَد" بفتحتين: الأرض الصلبة.