للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَعَادِلَةِ هَبَّتْ تَلُومُ وَلَوْمُهَا … لِنِيرَانِ شَوْقِي مُوقِدٌ غَيْرُ مُطْفِئِ (١)

[تنبيه]: قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: جميع أوامر هذا الباب من باب الإرشاد إلى المصلحة الدنيوية، كقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} الآية [البقرة: ٢٨٢]، وليس الأمر الذي قُصِد به الإيجاب، وغايته أن يكون من باب الندب، جل قد جعله كثير من الأصوليين قسمًا منفردًا بنفسه عن الوجوب والندب. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "وليس الأمر الذي قُصد به الإيجاب. . . إلخ" محلّ نظر، فليُتأمّل، واللَّه تعالى أعلم.

ثمّ ذكر التعليل للأمر بهذه الأشياء بالفاء التعليليّة، فقال: (فَإِنَّ الشَّيْطَانَ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الشيطان هنا للجنس، بمعنى الشياطين. انتهى.

[تنبيه]: "الشيطان" في أصله قولان:

أحدهما: أنه من شَطَنَ: إذا بعُد عن الحقِّ، أو عن رحمة اللَّه، فتكون النون أصليّةً، ووزنه فَيْعالٌ، وكلّ عاتٍ متمرّدٍ من الجنّ والإنس، والدوابّ فهو شيطانٌ، ووصفَ أعرابيّ فرسه، فقال: كأنّه شيطان في "أشطان" (٣).

والقول الثاني: أن الياء أصليّةٌ، والنون زائدةٌ عكسُ الأول، وهو من شاط يَشيط: إذا بطل، أو احترق، فوزنه فَعْلانٌ (٤).

(لَا يَحُل سِقَاءً) ببناء الفعل للفاعل، وكذا الفعلان بعده، وهو بفتح حرف المضارعة، وضمّ الحاء، من حلّ الشيءَ يحلّه، من باب نصر: إذا نقضها، (وَلَا يَفْتَحُ بَابًا، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ) تقدّم أنه بضم الراء أفصح من كسرها، (عَلَى إِنَائِهِ عُودًا) بالضمّ؛ أي: خشبًا، (وَيَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ) بنصب "يذكر" عطفًا على "يعرُض"، (فَلْيَفْعَلْ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ. . . إلخ" هو بضم الراء، وكذا قاله الأصمعي، وقد رواه أبو عبيد بكسر الراء، والوجه الأول، وهو: أن يَجْعَل العود معروضًا على فم


(١) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١٢/ ١٧٧.
(٢) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٢٨٠ - ٢٨١.
(٣) "الأشطان" بالفتح: جمع شَطَن محرّكةً، مثلُ سبب وأسباب، وهو الحبل.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٣١٣.