للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإناء، ولا بدَّ من ذكر اللَّه تعالى عند هذه الأفعال كُلِّها، كما جاء في الحديث الآخر بعد هذا، فيذكر اللَّه تعالى، وببركة اسمه تندفع المفاسد، ويحصل تمام المصالح، فمطلق هذه الكلمات مردود إلى مُقَيَّدِها. انتهى (١).

(فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ) تصغير فاسقة، وهي الفأرة، سُمّيت بذلك لخروجها من جُحرها للفساد.

وقال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الفويسقة: الفأرة، سماها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاسقة في هذا الحديث وغيره، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خمس فواسق تُقتل في الحل والحرم"، فذكر منهن الفأرة، وكلُّ من آذى مسلمًا إذا تابع ذلك، وكَثُر منه، وعُرِف به فهو فاسق، والفارة أذاها كثير، وأصل الفسق: الخروج عن طاعة اللَّه، ومن الخروح عن طاعة اللَّه: أذى المسلم، والفأرة مؤذية، فلذلك سميت فاسقة، وفويسقةً، والرجل الظالم الفاجر فاسق، والمؤذي بيده، ولسانه، وفعله، وسعيه فاسقٌ، قال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٥٨)} [الأحزاب: ٥٨]. انتهى (٢).

(تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ") قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد بالفويسقة الفأرة، وتُضْرِم بالتاء، وإسكان الضاد؛ أي: تحرق سريعًا، قال أهل اللغة: ضَرِمَتِ النارُ بكسر الراء، وتَضَرَّمت، وأضرمت؛ أي: التهبت، وأضرمتها أنا، وضَرِمتها. انتهى (٣).

وقال الفيّوميّ: ضَرِمت النارُ ضَرَمًا، من باب تَعِبَ: التهبت، وتضرّمت، واضطرمت كذلك، وأضرمتها إضرامًا، وضَرِمَ الرجلُ ضَرَمًا، فهو ضَرِمٌ: اشتدّ جوعه، أو غضبه. انتهى (٤).

وقال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقوله: "تُضرم": أي تُشعل، وتُحرق، وقال ابن وهب: أما قوله: "الفويسقة تضرم على الناس بيتهم" فإنما تَحْمِل الفتيلة، وهي تتقد حتى تجعلها في السقف، وقال أحمد بن عمران الأخفش: الفويسقة:


(١) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٢٨١.
(٢) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١٢/ ١٧٣ - ١٧٤.
(٣) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٨٤.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٣٦١.