للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بُسر بضم الباء، وبالسين المهملة، ابن راعي الْعَيْر، بفتح العين، وبالمثناة، الأشجعيّ، كذا ذكره ابن منده، وأبو نعيم الأصبهانيّ، وابن ماكولا، وآخرون، وهو صحابيّ مشهور، عَدّه هؤلاء وغيرهم من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، وأما قول القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إن قوله: "ما منعه إلا الكبر" يدلّ على أنه كان منافقًا، فليس بصحيح، فإن مجرد الكبر والمخالفة لا يقتضي النفاق والكفر، لكنه معصية، إن كان الأمر أمر إيجاب. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: التعقيب على كلام النوويّ هذا في كلام الحافظ، فتنبّه.

وقال في "الإصابة": بُسْر ابن راعي الْعَيْر الأشجعيّ، رَوَى الدارميّ، وعبد بن حميد، وابن حبان، والطبرانيّ من طريق عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أبصر بُسر ابن راعي العير يأكل بشماله، فقال: "كل بيمينك"، فقال: لا أستطيع، فقال: "لا استطعتَ"، فما نالت (٢) يمينه إلى فيه بعدُ، ورواه مسلم من هذا الوجه، فلم يُسَمِّ بُسرًا، وزاد في روايته: "لم يمنعه إلا الكبر".

واستَدَلّ عياض في "شرح مسلم" على أنه كان منافقًا، وزيّفه النوويّ في "شرحه" متمسكًا بأن ابن منده، وأبا نعيم، وابن ماكولا، وغيرهم ذكروه في الصحابة.

وتعقّب الحافظ تزييف النوويّ، وأجاد في ذلك، فقال: وفي هذا الاستدلال نظرٌ؛ لأن كل من ذكره لم يَذكُر له مستندًا إلا هذا الحديث، فالاحتمال قائم، ويمكن الجمع أنه كان في تلك الحالة لم يُسلم، ثم أسلم بعد ذلك.

وقد قيل فيه: بشر بالمعجمة، وبذلك ذَكَره ابن منده، وأنكر عليه أبو نعيم، ونسبه إلى التصحيف، ولم يَحْكِ الدارقطنيّ، وابن ماكولا فيه خلافًا أنه بالمهملة، وأما البيهقيّ، فحَكَى في "السنن" أنه بالمعجمة أصحّ، وأغرب ابن فتحون، فاستدركه فيمن اسمه بشير. انتهى (٣).


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٩٢.
(٢) أي: لم تقرب، ولم تدنُ.
(٣) "الإصابة في تمييز الصحابة" ١/ ٢٩١.