للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن الأكثرين على أنه بُسر بالسين المهملة، فليُتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

(أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِشِمَالِهِ، فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- له ("كُلْ بِيَمِينِكَ"، قَالَ) الرجل (لَا أَسْتَطِيعُ) أي لا أقدر على الأكل باليمين، (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- دعاءً عليه حيث خالف أمْره الذي أوجب اللَّه تعالى امتثاله، حيث قال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: ٧]، وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} [النور: ٦٣]. ("لَا اسْتَطَعْتَ") قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا دعاء منه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه؛ لأنَّه لم يكن له في ترك الأكل باليمين عذر، وإنما قَصَد المخالفة، وكأنه كان منافقًا، واللَّه تعالى أعلم، ولذلك قال الراوي: وما منعه إلا الكِبْر، وقد أجاب اللَّه تعالى دعاء النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الرجل، حتى شُلَّت يمينه، فلم يرفعها لفيه بعد ذلك اليوم. انتهى (١).

وقوله: (مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ) الظاهر أنه من قول سلمة -رضي اللَّه عنه-، واللَّه تعالى أعلم.

(قَالَ) الراوي، وهو سلمة -رضي اللَّه عنه-، (فَمَا رَفَعَهَا)؛ أي: يده اليمنى، (إِلَى فِيهِ)؛ يعني: أن ذلك الرجل لم يستطع بعد ذلك اليوم أن يرفع يده اليمنى إلى فيه، وهو كناية عن كونها شُلّت بدعائه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه.

و"فيه" لغة في "فمه"، وهي من الأسماء الستة التي تُرفع بالواو، وتُنصب بالألف، وتُجرّ بالياء، كما قال في "الخلاصة":

وَارْفَعْ بِوَاوٍ وَانْصبَنَّ بِالأَلِفْ … وَاجْرُرْ بِيَاءِ مَا مِنَ الأَسْمَا أَصِفْ

مِنْ ذَاكَ "ذُو" إِنْ صُحْبَةً أَبَانَا … وَ"الْفَمُ" حَيْثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا

"أَبٌ" "أَخٌ" "حَمٌ" كَذَاكَ وَ"هَنُ". . . وَالنَقْصُ فِي هَذَا الأَخِيرِ أَحْسَنُ

وَفِي "أَبٍ" وَتَالِيَيْهِ يَنْدُرُ … وَقَصْرُهَا مِنْ نَقْصِهِنَّ أَشْهَرُ

واللَّه تعالى أعلم.


(١) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٢٩٧.