للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اتّقوا اللهَ، وأما الرفع فعلى أنه خبر لمحذوف، أي: اللهُ ربّي، أو نحو ذلك، والتكرار للتأكيد.

وأما ما ذكره بعض الشارحين من أن لفظ الجلالة الأولُ مبتدأ، والثاني خبره، فبُعده مما لا يخفى على بصير.

ومعنى الحديث: أن القيامة لا تقوم على من يقول: "الله الله"، والمراد به: لا إله إلا الله، كما جاء مفسّرًا في الرواية الأخرى، وأنها لا تقوم إلا على شرار الخلق، وقد تقدّم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يبعث ريحًا من اليمن، ألين من الحرير، فلا تَدَعُ أحدًا في قلبه مثقالُ حبة"، وفي رواية: "مثقال ذَرّة من إيمان إلا قبضته"، وتقدّم الجمع بينه وبين حديث: "لا تزال طائفة من أمتي، ظاهرين على الحقّ حتى يأتي أمر الله"، وفي رواية: "حتى تقوم الساعة" بأن المراد بإتيان الساعة إتيان علاماتها، ومقدّماتها.

والحاصل أن هذه الطائفة هي التي تقاتل الدجّال، وتجتمع بعيسى عليه السلام، ثم لا تزال على هذه الصفة التي وصفها به النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يَبعث الله تعالى تلك الريح، فيقبضهم، وذلك عند قُربِ الساعة بعد أن ظهرت أشراطها، ووقعت علاماتها.

[تنبيه]: (اعلم): أن الروايات كلَّها متّفقةٌ على أن الحديث بلفظ: "الله الله"، مكرّرًا في الروايتين، قال النوويّ - رحمه الله -: وهكذا هو في جميع الأصول، وقال القاضي عياضٌ - رحمه الله -: وفي رواية ابن أبي جعفر (١) يقول: "لا إله إلا الله". انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا اللفظ الذي عزاه القاضي عياض إلى ابن أبي جعفر في رواية مسلم وقع في رواية أحمد في "مسنده" (١٣٤٢١) قال - رحمه الله -: حدثنا عَفّان، حدثنا حماد، أخبرنا ثابتٌ، عن أنس، قال: قال


(١) هو: عبد الله بن أبي جعفر الخُشَنيّ، شيخ القاضي عياض، وقد قرأ عليه "صحيح مسلم".
(٢) "شرح النوويّ" ٢/ ١٧٨.