للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ حُذَيْفَةَ) بن اليمان الصحابيّ ابن الصحابيّ - رضي الله عنه -، أنه (قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "أَحْصُوا لِي) معناه: عُدّوا لي، ومنه قوله تعالى: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: ٢٨]، قاله القرطبيّ - رحمه الله - (١)، وفي رواية البخاريّ: "اكتبوا لي"، والإحصاء أعمّ من الكتابة، وقد يُفسّر "أحصوا" بـ "اكتبوا"، قاله في "الفتح" (٢)، (كَمْ يَلْفِظُ الإسْلَامَ؟ ") أي: كم شخصًا يتكلّم بكلمة الإسلام؟ قال القرطبيّ - رحمه الله -: وأصل اللفظ: الرَّمْيُ، ومنه: لَفَظَه البحر، أي: رماه، وعدّاه بنفسه لما حذف الباء في رواية، وفي أخرى بثبوت الباء؛ لأنه محمول على تكلّم المتعدّي بحرف الجرّ، فكأنه قال: عُدّوا لي كم يتكلّم بالإسلام. انتهى (٣).

وقال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "كم يَلْفِظ الإسلام؟ " هو بفتح الياء المثنّاة من تحتُ، والإسلام منصوبٌ، مفعولُ "يَلْفِظُ" بإسقاط. حرف الجرّ، أي: يَلْفِظ بالإسلام، ومعناه: كم عَدَدُ مَن يتلفظ بكلمة الإسلام؟، و"كم" هنا استفهامية، ومُفَسّرها محذوف، وتقديره: كم شخصًا يَلفِظ بالإسلام؟.

وفي بعض الأصول: "تَلَفَّظَ؟ " بتاء مثناة من فوقُ، وفتح اللام، والفاء المشددة، وفي بعض الروايات للبخاريّ وغيره: "اكتُبُوا مَن يَلْفِظُ بالإسلام"، فكتبنا، وفي رواية النسائيّ وغيره: "أَحْصُوا لي من كان يَلْفِظ بالإسلام؟ "، وفي رواية أبي يعلى الموصليّ: "أَحْصُوا كُلَّ مَن تَلَفَّظَ بالإسلام". انتهى (٤).

(قَالَ) حذيفة - رضي الله عنه - (فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، أتخَافُ عَلَيْنَا)، الهمزة للاستفهام التعجبيّ، وفي رواية البخاريّ: "فقلنا: نخاف" بالنون، وحذف أداة الاستفهام، وقوله: (وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّمِائَةٍ إِلَى السَّبْعِمِائَةٍ؟) (٥) جملةٌ اسميّةٌ في محلّ نصب على الحال من ضمير "علينا".

ومرادهم بهذا تبشير النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فكأنهم قالوا له: أتخاف علينا ظهور العدوّ،


(١) "المفهم" ١/ ٣٦٥.
(٢) "الفتح" ٦/ ٢٠٦ "كتاب الجهاد والسير" رقم (٣٠٦٠).
(٣) "المفهم" ١/ ٣٦٥.
(٤) "شرح النوويّ" ٢/ ١٧٩.
(٥) سيأتي الكلام على تعريف الجزأين في قوله: "ما بين الستمائة، والسبعمائة" في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى -.