للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الفيّوميّ: الْمُدْيةُ: الشَّفْرة، والجمع: مُدًى، ومُدْياتٌ، مثلُ غُرْفة، وغُرَف، وغُرُفات بالسكون، والفتح، وبنو قُشير تقول: مِدْيةٌ بكسر الميم، والجمع مِدًى بالكسر، مثلُ سِدْرة وسِدَر، قاله الفيّوميّ (١).

(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ" أي: احذر ذبح الحلوب؛ أي: ذات اللَّبَن، وهو فعولٌ بمعنى مفعول، كرَكُوب، ونظائره، وقال ابن الأثير - رحمه الله -: "إيّاك والحلوبَ"؛ أي: ذات اللبن، يقال: ناقة حَلُوب؛ أي: هي مما يُحْلَب، وقيل: الحلوب، والحلوبة سواء، وقيل: الحلوب: الاسم، والحلوبة: الصفة، وقيل: الواحدة، والجماعة. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: "الحلوب" - بفتح الحاء -: الشاة التي تُحلَب لبنًا كثيرًا، إنَّما نهاه عنها؛ لأنَّ ذَبْحها تضييعٌ لِلَبَنها، مع أن غير ذات اللبن تتنزل منزلتها عند الضيف، ويحصل بها المقصود. انتهى (٣).

(فَذَبَحَ لَهُمْ) وفي رواية الترمذيّ: "فذبح لهم عَنَاقًا، أو جَدْيًا"، (فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ، وَشَرِبُوا) من ذلك الماء العذب الذي أتى به أبو الهيثم. (فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا، وَرَوُوا) بضمّ الواو الأولى، وسكون الثانية، أصله رَوِيُوا بوزن عَلِموا، فنُقلت ضمّة الياء إلى الواو بعد سلب كسرتها استثقالًا للخروج من الكسرة إلى الضمّة، ثم حُذفت الياء لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة الساكنة، فصار: رَوُوا. (قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ) - رضي الله عنهما - ("وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) كما قال الله - عز وجل -: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)} [التكاثر: ٨]، ثم بيّن وجه عظمة النعم، وذلك أنه (أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا) إلى بيوتكم (حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ") حيث أكلتم، وشربتم، فزال جوعكم.

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: قوله: "أخرجكم من بيوتكم. . . إلخ" جملة مستأنفة بيان لموجب السؤال عن النعيم؛ يعني: حيث كنتم محتاجين إلى الطعام، مضطرين إليه، فنلتم غاية مطلوبكم من الشِّبَع، والرِّيّ، يجب أن تُسألوا، ويقال


(١) "المصباح المنير" ١/ ٥٦٧.
(٢) "النهاية في غريب الأثر" ١/ ٤٢٢.
(٣) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٣٠٦.