للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - في هذه القصّة يمدح بها أبا الهيثم ابن التّيِّهان - رضي الله عنه -[من الطويل]:

فَلَمْ أَرَ كَالإِسْلَامٍ عِزًّا لأُمَّةٍ … وَلَا مِثْلَ أَضْيَافِ الإِرَاشِيِّ مَعْشَرَا

نَبِيٌّ وِصِدِّيقٌ وَفارُوقُ أُمَّةٍ … وَخَيْرُ بَنِي حَوَّاءَ فَرْعًا وَعُنْصُرَا

فَوَافَوْا لِمِيقَاتٍ وَقَدْرِ قَضِيَّةٍ … وَكَانَ قَضَاءُ الله قَدْرًا مُقَدَّرَا

إِلَى رَجُلٍ نَجْدٍ يُبَارِي بجُودِهِ … شُمُوسَ الضُّحَى جُودًا وَمَجْدًا وَمْفَخَرا

وَفَارِسِ خَلْقِ اللهِ فِي كُلِّ غَارَةٍ … إِذَا لَبِسَ الْقَوْمُ الْحَدِيدَ الْمُسَمَّرا

فَفَدَّى وَحَيَّا ثُمَّ أَدْنَى قِرَاهُمُ … فَلَمْ يَقْرِهِمْ إِلَّا سَمِينًا مُتَمَّرَا (١)

١٤ - (ومنها): استحباب تقديم الفاكهة على الخبز واللحم وغيرهما.

١٥ - (ومنها): استحباب المبادرة إلى الضيف بما تيسَّر، وإكرامه بعده بطعام يصنعه له، لا سيما إن غلب على ظنه حاجته في الحال إلى الطعام، وقد يكون شديد الحاجة إلى التعجيل، وقد يشق عليه انتظار ما يُصنع له لاستعجاله للانصراف، قال النوويّ: وقد كَرِه جماعة من السلف التكلف للضيف، وهو محمول على ما يشقّ على صاحب البيت مشقةً ظاهرةً؛ لأن ذلك يمنعه من الإخلاص، وكمال السرور بالضيف، وربما ظهر عليه شيء من ذلك، فيتأذى به الضيف، وقد يُحضر شيئًا يعرف الضيف من حاله أنه يشقّ عليه، وأنه يتكلفه له، فيتأذى الضيف؛ لشفقته عليه، وكل هذا مخالف لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه"؛ لأن أكمل إكرامه إراحة خاطره، وإظهار السرور به، وأما فعل الأنصاريّ - رضي الله عنه -، وذَبْحه الشاة فليس مما يشقّ عليه، بل لو ذبح أغنامًا، بل جمالًا، وأنفق أموالًا في ضيافة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه - رضي الله عنهما - كان مسرورًا بذلك، مغبوطًا فيه، والله أعلم. انتهى (٢).

١٦ - (ومنها): جواز الشِّبَع، وأما ما جاء في كراهة الشِّبَع فمحمول على المداومة عليه؛ لأنه يُقسي القلب، ويُنسي أمر المحتاجين.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: في الحديث دليل على جواز الشبع من الحلال، وما جاء مما يدلُّ على كراهة الشبع عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وعن السلف: إنما ذلك في


(١) "التمهيد" لابن عبد البرّ ٢٤/ ٣٤١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٣/ ٢١٣.