للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: هذه الحكاية عن أبي بكر لا تصحّ؛ لأن الثابت في "صحيح مسلم" عكسها، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لهما في نفس القصّة: "لتسألنّ عن هذا النعيم يوم القيامة"، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.

قال: وقال الحسن: لا يُسأل عن النعيم إلا أهل النار.

وقال القشيريّ: والجمع بين الأخبار: أن الكل يُسألون، ولكن سؤال الكافر توبيخ؛ لأنه قد ترك الشكر، وسؤال المؤمن سؤال تشريف؛ لأنه شكر، وهذا النعيم في كل نعمة.

قال القرطبيّ: هذا القول حسن؛ لأن اللفظ يعمّ، وقد ذكر الفريابيّ قال: حدّثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)} قال: كل شيء من لذّة الدنيا.

وروى أبو الأحوص عن عبد الله - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الله تعالى ليعدِّد نِعَمَه على العبد يوم القيامة، حتى يعدّ عليه: سألتَني فلانة أن أزوجكها - فيسميها باسمها - فزوجتكها".

وفي الترمذيّ عن أبي هريرة قال: لمّا نزلت هذه الآية: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)} قال الناس: يا رسول الله، عن أبيّ النعيم نُسأل؟ فإنما هما الأسودان، والعدو حاضر، وسيوفنا على عواتقنا؟ قال: "إن ذلك سيكون" (١).

وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أول ما يُسأل عنه يوم القيامة - يعني: العبد - أن يقال له: ألم نُصَحّ لك جسمك، ونُرويك من الماء البارد؟ " (٢).

وفي حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا كان يوم القيامة دعا الله بعبد من عباده، فيوقفه بين يديه، فيسأله عن جاهه كما يسأله عن ماله" (٣)، والجاه من نعيم الدنيا لا محالة.

وقال مالك - رحمه الله -: إنه صحة البدن، وطِيْب النفس، وهو القول السابع.


(١) حديث حسن.
(٢) حديث صحيح.
(٣) حديث ضعيف، قال الهيثميّ: في سنده يوسف بن يونس الأفطس، وهو ضعيف جدًّا.