للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلك، وفي ذلك عَلَمٌ من أعلام النبوة، من الإخبار بالشيء قبل وقوعه، وقد وَقَع أشد من ذلك بعد حذيفة - رضي الله عنه - في زمن الحجَّاج وغيره. انتهى (١).

وقال القرطبي - رحمه الله -: قوله: "فابتُلينا … إلخ" يعني: بذلك - والله أعلم - ما جرى لهم في أوّل الإسلام بمكّة حين كان المشركون يؤذونهم، ويمنعونهم من إظهار صلاتهم حتى كانوا يُصلّون سرًّا. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله القرطبيّ في توجيه معنى هذا الحديث مما لا يخفى بطلانه، يُبطله قوله: "فابتُلينا"؛ إذ معناه: بعدما قال لهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لعلكم أن تُبْتَلَوْا"، ويُبطله أيضًا قوله: "أتخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة؟ "، وفي رواية الثوريّ: "ونحن ألف وخمسمائة"، وهذا كلّه لا يكون قطعًا في أول الإسلام، وإنما هو بعد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أحصوا لي … إلخ".

والحاصل أن هذا الابتلاء إنما وقع بعد ذلك، والذي يظهر أن المراد ما وقع في خلافة عثمان - رضي الله عنه - من بعض ولاة أمراء بني أميّة، كما سبق في كلام الحافظ - رحمه الله -، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث حُذيفة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان" [٧١/ ٣٨٤] (١٤٩)، و (البخاريّ) في "الجهاد والسير" (٣٠٦٠)، و (ابن ماجه) في "الفتن" (٤٠٢٩)، و (النسائيّ) في "السير" من "الكبرى" (٨٨٧٥)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (١٥/ ٦٩)، و (أحمد) في "مسنده" (٥/ ٣٨٤)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٦٢٧٣)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٢٩٩ و ٣٠٠)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٣٧٥)، و (ابن


(١) "الفتح" ٦/ ٢٠٦ "كتاب الجهاد" رقم (٣٠٦٠).
(٢) "المفهم" ١/ ٣٦٥.