للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المناويّ رحمه الله: هذا وارد في بلاد ليس من عادتهم الشِّبَع بغيره، وفيه حَثّ على الْقَنَعِ، وتنبيهٌ على حِلّ ادِّخار قُوت العيال، فإنه أسكن للنفس، وأحصن عن الْمَلال. انتهى (١).

وقال القاضي أبو بكر ابن العربيّ في "شرح الترمذيّ": وهذا لأن التمر كان قُوْتَهم، فإذا خلا منه البيت جاع أهله، وأهل كل بلدة بالنظر إلى قُوتِهم يقولون كذلك، وقال الطيبيّ: لعله حثٌّ على القناعة في بلادٍ كثر فيها التمر؛ أي: من قَنِع به لا يجوع، وقيل: هو تفضيل للتمر، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: فيه فضيلة التمر، وجواز الادّخار للعيال، والحثّ عليه. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ رحمه الله: هذا إنما عنى به النبيّ -صلى الله عليه وسلم- المدينة، ومن كان على حالهم، ممن غالب قُوتهِم التمر، وذلك أنه إذا خلا البيت عن غالب القوت في ذلك الموضع كان عن غير الغالب أخلى، فيجوع أهله؛ إذ لا يجدون شيئًا، ويصدق هذا القول على كل بلد ليس فيه إلا صنف واحد، أو يكون الغالب فيه صنفًا واحدًا، فيقال على بلد ليس فيه إلا البُرّ: بيت لا بُرَّ فيه جياع أهله، ويفيد هذا: التنبيه على مصلحة تحصيل القوت، وادِّخاره؛ فإنَّه أسكن للنفس غالبًا، وأبعد عن التشويش. انتهى (٤).

وقال المناويّ رحمه الله: "بيت لا تمر فيه جياع أهله" لكونه أنفس الثمار التي بها قوام النفس والأبدان، مع كونه أغلب أقوات الحجاز، وفي رواية لابن ماجه بسند جيّد، كما قاله زين الحافظ: "بيت لا تمر فيه كالبيت لا طعام فيه". انتهى.

قال: قال القرطبىّ: ويصدق هذا على كل بلد ليس فيه إلا صنف واحد، ويكون الغالب فيه صنفًا واحدًا، فيقال على بلد ليس فيه إلا البرّ: بيت لا بر


(١) "فيض القدير" ٦/ ٤٤٦.
(٢) "عون المعبود"١٠/ ٢١٩.
(٣) "شرح النوويّ" ١٣/ ٢٣٠.
(٤) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٣٢٠.