تفصيلًا، وهو إن كان لتبريد ما يكون بالعين من الحرارة، فتستعمل مفردةً، وإن كان لغير ذلك فتستعمل مركبةً، وبهذا جزم ابن العربيّ، فقال: الصحيح أنه ينفع بصورته في حال، وبإضافته في أخرى، وقد جُرِّب ذلك، فوُجد صحيحًا، نَعَم جزم الخطابيّ بما قال ابن الجوزيّ، فقال: تربى بها التوتياء وغيرها من الأكحال، قال: ولا تُستعمل صِرفًا، فإن ذلك يؤذي العين.
وقال الغافقيّ في "المفردات": ماء الكمأة أصلح الأدوية للعين، إذا عُجن به الإثمد، واكتُحِل به، فإنه يقوي الجفن، ويزيد الروح الباصر حدّةً، وقُوّةً، ويدفع عنها النوازل.
وقال النوويّ: الصواب أن ماءها شفاء للعين مطلقًا، فيعصر ماؤها، ويجعل في العين منه، قال: وقد رأيت أنا وغيري في زماننا من كان عَمِي، وذهب بصره حقيقةً، فكُحل عينه بماء الكمأة مجردًا فشُفِي، وعاد إليه بصره، وهو الشيخ العدل الأمين الكمال بن عبد الدمشقيّ، صاحب صلاح، ورواية في الحديث، وكان استعماله لماء الكمأة اعتقادًا في الحديث، وتبركًا به، فنفعه الله به.
قال الحافظ: الكمال المذكور هو كمال الدين بن عبد العزيز بن عبد المنعم بن الخضر يُعْرَف بابن عبد بغير إضافة الحارثيّ الدمشقيّ، من أصحاب أبي طاهر الخشوعيّ سَمِع منه جماعة من شيوخ شيوخنا، عاش ثلاثًا وثمانين سنةً، ومات سنة اثنتين وسبعين وستمائة قبل النوويّ بأربع سنين.
وينبغي تقييد ذلك بمن عَرَف من نفسه قوّةَ اعتقاد في صحة الحديث، والعمل به، كما يشير إليه آخر كلامه، وهو ينافي قوله أوّلًا: مطلقًا.
وقد أخرج الترمذيّ في "جامعه" بسند صحيح إلى قتادة قال: حُدِّثت أن أبا هريرة قال: أخذت ثلاثة أكمؤ، أو خمسًا، أو سبعًا، فعصرتهنّ، فجعلت ماءهنّ في قارورة، فكحلت به جارية لي، فَبَرِئت.
وقال ابن القيم: اعترف فضلاء الأطباء أن ماء الكمأة يجلو العين، منهم المسبحيّ، وابن سينا، وغيرهما، والذي يزيل الإشكال عن هذا الاختلاف أن الكمأة وغيرها من المخلوقات خُلقت في الأصل سليمة من المضارّ، ثم عرضت لها الآفات بأمور أخرى، من مجاورة، أو امتزاج، أو غير ذلك، من