[البقرة: ٦١]؛ لأن المراد بالوحدة دوام الأشياء المذكورة من غير تبدّل، وذلك يصدق على ما إذا كان المطعوم أصنافًا، لكنها لا تتبدل أعيانها. انتهى (١).
(وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ") قال في "الفتح": كذا للأكثر، وكذا عند مسلم، وفي رواية المستملي: "من العين"؛ أي: شفاء من داء العين، قال الخطابيّ: إنما اختصت الكمأة بهذه الفضيلة؛ لأنها من الحلال المحض الذي ليس في اكتسابه شبهة، ويُستنبط منه أن استعمال الحلال المحض يجلو البصر، والعكس بالعكس.
وقال ابن الجوزيّ: في المراد بكونها شفاء للعين قولان:
[أحدهما]: أنه ماؤها حقيقةً، إلا أن أصحاب هذا القول اتفقوا على أنه لا يُستعمل صرفًا في العين، لكن اختلفوا كيف يُصنع به؟ على رأيين: أحدهما: أنه يُخلط في الأدوية التي يكتحل بها، حكاه أبو عبيد، قال: ويصدق هذا الذي حكاه أبو عبيد أن بعض الأطباء قالوا: أكل الكمأة يجلو البصر. ثانيهما: أن تؤخذ، فتشق، وتوضع على الجمر حتى يغلي ماؤها، ثم يؤخذ المِيل، فيُجعل في ذلك الشق، وهو فاتر، فيكتحل بمائها؛ لأن النار تلطّفه، وتذهب فضلاته الرديئة، ويبقى النافع منه، ولا يجعل الميل في مائها، وهي باردة يابسة، فلا ينجع، وقد حَكَى إبراهيم الحربيّ عن صالح وعبد الله ابني أحمد بن حنبل، أنهما اشتكت أعينهما، فأخذا كمأة، وعصراها، واكتحلا بمائها، فهاجت أعينهما، ورَمِدا، قال ابن الجوزيّ: وحَكَى شيخنا أبو بكر بن عبد الباقي أن بعض الناس عصر ماء كمأة، فاكتحل به، فذهبت عينه.
[والقول الثاني]: أن المراد ماؤها الذي تنبت به، فإنه أول مطر يقع في الأرض، فتربى به الأكحال، حكاه ابن الجوزيّ عن أبي بكر بن عبد الباقي أيضًا، فتكون الإضافة إضافة الكل، لا إضافة جزء، قال ابن القيّم: وهذا أضعف الوجوه.
قال الحافظ: وفيما ادّعاه ابن الجوزيّ من الاتفاق على أنها لا تُستعمل صرفًا نَظَر، فقد حَكَى عياض عن بعض أهل الطبّ في التداوي بماء الكمأة