للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلك قليلًا، ولا واحد له من لفظه، ورهط الرجل بنو أبيه الأدنى، وقيل: قبيلته، وللإسماعيلي من طريق ابن أبي ذئب: "أنه جاءه رهطٌ، فسألوه، فأعطاهم، فَتَرَك رجلًا منهم".

وانتصاب "رَهطًا" على أنه مفعول أول لـ "أعطى"، ومفعوله الثاني محذوف؛ لأن باب "أعطى" يجوز فيه حذف المفعولين، كقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥)} [الليل: ٥]، وحذف الأول كقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]، أي حتى يُعطوكم الجزية، وحذف الثاني كقوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥)} [الضحى: ٥]، أي يعطيك ما يُرضيك.

وقال العينيّ - رحمه الله -: فيه حذف المفعول الثاني من باب أعطيت في الموضعين: الأول في قوله: "أعطى رهطًا"، والثاني في قوله: "إني لأعطي الرجل"؛ تنبيهًا على التعميم بأيّ شيء كان، أو جعل المتعدّي إلى اثنين كالمتعدّي إلى واحد، والمعنى إيجاد هذه الحقيقة؛ يعني: إيجاد الإعطاء، والفائدة فيهما قصد المبالغة. انتهى (١).

(وَسَعْدٌ جَالِسٌ فِيهِمْ) جملة في محلّ نصب على الحال، وفيه تجريدٌ؛ لأن الظاهر أن يقول: وأنا جالسٌ، قاله في "الفتح".

وقال العينيّ: فيه وجهان:

الأول: أن يكون فيه التفاتٌ على قول صاحب "المفتاح" (٢) من التكلّم الذي هو مقتضى المقام إلى الغيبة، وأما على قول غيره، فليس فيه التفاتٌ؛ لأنهم يشترطون أن يكون الالتفات من التكلّم والخطاب والغيبة محقّقًا، وصاحب "المفتاح" لم يشترط ذلك، بل قال: الالتفات أعمّ من أن يكون محقّقًا أو مقدَّرًا.


(١) "عمدة القاري" ١/ ٣٠٩.
(٢) هو يوسف بن أبي بكر بن محمد بن عليّ السكّاكيّ الخُوارزميّ الحنفيّ، أبو يعقوب سراج الدين، وُلد سنة (٥٥٥ هـ)، وتوفّي سنة (٦٢٦ هـ) مولده ووفاته بخوارزم. راجع: "هديّة العارفين" ٦/ ٥٥٣، "معجم الأعلام" ص ٩٦٢.