للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "الفتح": قال العلماء: الحكمة في إلهام الأنبياء عليهم السلام رَعْيَ الغنم قبل النبوة أن يَحْصُل لهم التمرّن برعيها على ما يُكَلَّفونه من القيام بأمر أمتهم، ولأن في مخالطتها ما يحصل لهم الحلم، والشفقة؛ لأنهم إذا صبروا على رعيها، وجَمْعها بعد تفرقها في المرعى، ونَقْلها من مسرح إلى مسرح، ودفع عدوّها من سبع وغيره؛ كالسارق، وعَلِموا اختلاف طباعها، وشدة تفرقها مع ضعفها، واحتياجها إلى المعاهدة، أَلِفُوا من ذلك الصبرَ على الأمة، وعرفوا اختلاف طباعها، وتفاوت عقولها، فجبروا كسرها، ورَفَقُوا بضعيفها، وأحسنوا التعاهد لها، فيكون تحمّلهم لمشقة ذلك أسهل، مما لو كُلِّفوا القيام بذلك من أول وَهْلة؛ لِمَا يحصل لهم من التدريج على ذلك برعي الغنم، وخُصّت الغنم بذلك؛ لكونها أضعف من غيرها، ولأن تفرقها أكثر من تفرق الإبل والبقر؛ لإمكان ضبط الإبل والبقر بالربط دونها في العادة المالوفة، ومع أكثرية تفرقها، فهي أسرع انقيادًا من غيرها.

وفي ذِكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لذلك بعد أن عَلِم كونه أكرم الخلق على الله، ما كان عليه من عظيم التواضع لربه، والتصريح بمنّته عليه، وعلى إخوانه من الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء- انتهى (١).

وقوله: (أَوْ نَحْوَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ) "أو" فيه للشكّ من الراوي، هل قال هذا القول، أو قال قولًا شبيهًا به.

[تكملة]: أخرج البيهقيّ هذا الحديث في "كتاب الدلائل" من طريق عُبيد بن شريك، عن يحيى بن بكير، عن الليث، عن يونس بسند المصنّف، فذكر هذا الحديث، وقال في آخره: "وقال: إن ذلك كان يوم بدر، يوم جمعة، لثلاث عشرة بقيت من رمضان"، قال البيهقيّ: رواه البخاري عن يحيى بن بكير، دون التاريخ؛ يعني دون قوله: "إن ذلك كان. . . إلخ"، قال الحافظ: وهو كما قال، ولعل هذه الزيادة من ابن شهاب أحد رواته. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.


(١) "الفتح" ٦/ ٢٨، كتاب "الإجارات" رقم (٢٢٦٢).
(٢) "الفتح" ١٢/ ٣٨٠، كتاب "الأطعمة" رقم (٥٤٥٣).