للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجميل (١)؛ إذ هو تعظيم للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- غاية التعظيم.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: وإنما تحرَّج أبو أيوب -رضي الله عنه- من البقاء في العلو الذي كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تحته؛ إعظامًا للرسول -صلى الله عليه وسلم-، واحترامًا عن أن يعلوه، ولإمكان أن يسقط من العلو شيء عند حركتهم في العلو، فيؤذي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (٢).

(فَكَانَ) أبو أيوب (يَصْنَعُ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- طَعَامًا، فَإِذَا جِيء بِهِ)؛ أي: بذلك الطعام (إِلَيْهِ)؛ أي: إلى أبي أيوب بعدما يأكل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منه، (سَأَل) أبو أيوب (عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِهِ) -صلى الله عليه وسلم- (فَيَتَتبَّعُ مَوْضِعَ أصَابِعِهِ) والمعنى: أن أبا أيوب -رضي الله عنه- إذا بَعَث إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- طعامًا، فأكل منه حاجته، ثم رَدّ الفضلة أكل أبو أيوب من موضع أصابع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ تبرّكًا به، ففيه التبرك بآثار النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الطعام، وغيره، والله تعالى أعلم.

(فَصَنَعَ) أبو أيوب (لَهُ) -صلى الله عليه وسلم- (طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ، فَلَمَّا رُدَّ) بالبناء للمفعول؛ أي: لمّا رُد ذلك الطعام من عنده -صلى الله عليه وسلم- (إِلَيْهِ)؛ أي: إلى أبي أيوب، (سَأَل) أبو أيوب (عَنْ مَوْضِعِ أَصابِع النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقِيلَ لَهُ: لَمْ يَأْكُلْ) -صلى الله عليه وسلم- منه؛ لكون الثّوم فيه. (فَفَزعَ) بكسر الزاي، من باب تَعِب؛ أي: فَزَع أبو أيوب -رضي الله عنه- من عدم أَكْله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك الطعام؛ لخوفه أن يكون حَدَث منه أمر أوجب الامتناع من طعامه، (وَصَعِدَ) بكسر العين المهملة، من باب سَمِعَ صُعُودًا: رَقِي، (إِلَيْهِ) -صلى الله عليه وسلم- (فَقَالَ) بعدما سأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن عدم أَكْله منه، فأخبره بأن فيه ثُومًا، (أَحَرَامٌ هُوَ؟)؛ أي: الثوم، قال القرطبيّ -رحمه الله-: هذا سؤال من يعتقد أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا ترك أكل شيء جرت العادة بأكله كان ذلك دليلًا على تحريمه ذلك، ولذلك أجابه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "لا"، وهو ردٌّ على من يقول من أهل الظاهر: إنه حرام، يمنع حضور الجماعات للصلاة، وقد تقدّم الكلام على هذا في "كتاب الصلاة". انتهى (٣).

(فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا)؛ أي: ليس بحرام، (وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ)؛ أي: لرائحته


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٠.
(٢) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٣٢٨.
(٣) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٣٢٨.