٥ - (ومنها): بيان جواز بيع الكافر، وإثبات مُلكه على ما في يده.
٦ - (ومنها): أن ابتياع الأشياء من المجهول الذي لا يُعرَف جائز، حتى يُطَّلَع على ما يَلزم التورع عنه، أو يوجب ترك مبايعته، من غصب، أو سرقة، أو شِبْههما، وقال ابن المنذر: من كان بيده شيء فظاهره أنه مالكه، ولا يلزم المشتري أن يَعْلَم حقيقة ملكه.
[تنبيه]: اختَلَف العلماء في مبايعة مَن الغالب على ماله الحرام، وقبول هديته، وجائزته، فرخَّصت فيه طائفة، فكان الحسن بن أبي الحسن لا يرى بأسًا أن يأكل الرجل من طعام العَشّار، والصَّرّاف، والعامل، ويقول: قد أحلّ الله طعام اليهود، والنصارى، وقد أخبر أن اليهود أكّالون للسحت، قال الحسن: ما لم يَعرِفوا شيئًا منه حرامًا، يعني معيّنًا، وعن الزهريّ، ومكحول: إذا كان المال فيه حرام وحلال، فلا بأس أن يؤكل منه، إنما يُكره من ذلك الشيء الذي يُعرف بِعَيْنه، وقال الشافعيّ: لا أُحب مبايعة من أكثر ماله رِبًا، أو كَسْبه من حرام، فإن بويع لا يفسخ البيع، وقال ابن بطال: والمسلم، والذميّ، والحربيّ في هذا سواء.
وحجة من رَخّص حديثُ الباب، وحديث رهنه -صلى الله عليه وسلم- درعه عند اليهوديّ، وكان ابن عمر، وابن عباس -رضي الله عنهم- يأخذان هدايا المختار، وبعث عمرو بن عبيد الله بن معمر إلى ابن عمر بألف دينار، وإلى القاسم بن محمد بألف دينار، فأخذها ابن عمر، وقال: لقد جاءتنا على حاجة، وأبى أن يقبلها القاسم، فقالت امرأته: إن لم تقبلها فأنا ابنة عمه، كما هو ابن عمه، فأخَذَتْها، وقال عطاء: بعث معاوية إلى عائشة -رضي الله عنها- بطوق من ذهب فيه جوهر قُوِّم بمائة ألف، وقَسَمَتْه بين أمهات المؤمنين.
وكرهت طائفة الأخذ منهم، رُوي ذلك عن مسروق، وسعيد بن المسيِّب، والقاسم بن محمد، وبشر بن سعيد، وطاووس، وابن سيرين، والثوريّ، وابن المبارك، ومحمد بن واسع، وأحمد، وأخذ ابن المبارك قَذَاة من الأرض، وقال: من أخذ منهم مثل هذه فهو منهم. انتهى (١).