للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والرباعيّ على قياس البابين، وريش منسول، من الثلاثي، ومُنسِلٌ اسم فاعل من الرباعيّ؛ أي: مُنقَلِع.

وأفهم كلام بعضهم أن ذلك على معنيين، فقولهم: أنسل الريشُ، وأخاض النهرُ ونحوه، معناه: حان له أن يكون كذلك، فلا يكون مثل: قام زيدٌ، وأقمته، وقد نَصُّوا في مواضع على معنى ذلك. انتهى كلام الفيّوميّ - رحمه الله - (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد نظمت هذه القاعدة المخالفة للقياس، فقلت:

اعْلَمْ بِأَنَّ أَظْأَرَتْ وَأَقْشَعَا … أَخَاضَ أَعْرَضَ أَمْرَتْ أَنْقَعَا

وَأَبْشَرَتْ وَأَصْرَمَتْ وَأَنْسَلَا … وَأَمْخَضَتْ وَأَحْجَمَتْ وَأَجْفَلَا

وَأَثْلَثُوا صَارُوا ثَلَاثَةَ إِلَى … عَشَرَةٍ كَذَا أَكَبَّ نُقِلَا

فَهَذه قَدْ خَالَفَتْ قِيَاسَ مَا … أَتَى عَنِ العُرْب طَرِيقًا مُحْكَمَا

إِذِ الثُّلَاثِيُّ لَدَيْهِمُ لَزِمْ … أَمَّا التَّعَدِّيَ لِلرُّبَاعِيِّ عُلِمْ

وَهَكَذَا صَرَّحَ فِي "المِصْبَاحِ" … قَرَبْتُ كَي تَحْفَظَهَا يَا صَاحِ

(التنبيه الثاني): أنه روى هذا الحديث أحمد، والحميديّ، وغيرهما عن عبد الرزّاق، عن معمر، وفيه من الزيادة: قال الزهري: "فَنَرَى أن الإسلام الكلمة، والإيمان العمل".

وقد استُشكل هذا بالنظر، إلى حديث سؤال جبريل، فإن ظاهره يخالفه، ويمكن أن يكون مراد الزهري أن المرء يُحكم بإسلامه، ويُسَمّى مسلمًا، إذا تلفظ بالكلمة؛ أي: كلمة الشهادة، وأنه لا يسمى مؤمنًا إلا بالعمل، والعمل يشمل عمل القلب والجوارح، وعمل الجوارح يدل على صدقه، وأما الإسلام المذكور في حديث جبريل - عليه السلام -، فهو الشرعي الكامل، المراد بقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: ٨٥]، ذكره في "الفتح" (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٨٧.
(٢) "الفتح" ١/ ١٠٣.