للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أي: جاء في الذين جاءُوا أَوّلًا، ويُجمع بالواو والنون أيضًا، وسمع أُوَلٌ، بضم الهمزة، وفتح الواو، مخففةً، مثل أكبر، وكُبَر.

وفي "أَوَّلَ" معنى التفضيل، وإِن لَمْ يكن له فعلٌ، ويُستعمل كما يستعمل أفعل التفضيل، من كونه صفة للواحد، والمثني، والمجموع، بلفظ واحد، قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} [البقرة: ٤١]، وقال: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ} [البقرة: ٩٦]، ويقال: الأَوَّلُ، وأَوَّلُ القوم، وأَوَّلُ من القوم، ولمّا استُعْمِل استعمال أفعل التفضيل انتصب عنه الحال، والتمييز، وقيل: أنت أَوَّلُ دخولًا، وأنتما أَوَّلُ دخولًا، وأنتم أَوَّلُ دخولًا، وكذلك في المؤنث، (فَأَوَّلُ) لا ينصرف؛ لأنه أفعل التفضيل، أو على زِنَته، قال ابن الحاجب: أَوَّلُ أفعل التفضيل، ولا فعل له، ومثله آبلُ، وهو صفة لمن أحسن القيام على الإبل، قال: وهذا مذهب البصريين، وهو الصحيح؛ إذ لو كان على فوعل كما ذهب إليه الكوفيون، لقيل: أولةٌ بالهاء، وهذا كالتصريح بامتناع الهاء، وتقول: عامٌ أولُ، إن جعلته صفة لَمْ تصرفه؛ لوزن الفعل والصفة، وإن لَمْ تجعله صفة صرفتَ، وجاز عامُ الأولِ بالتعريف والإضافة، ونقل الجوهريّ عن ابن السِّكِّيت مَنْعها، ولا يقال: عامَ أولَ على التركيب. انتهى ما كتبه الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

وقوله: (أفَرَغْتُمْ مِنْ أَضْيَافِكُمْ؟)؛ أي: من قِراهم، وضيافتهم.

وقوله: (وَتَنَحَّيْتُ عَنْهُ)؛ أي: ابتعدت عن مكان أبي بكر - رضي الله عنه -؛ لئلا يلحقني منه ضرر.

وقوله: (مَا لَكُمْ أَلَا تَقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُمْ؟) قال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "ألا" هو بتخفيف اللام على التحضيض، واستفتاح الكلام، هكذا رواه الجمهور، قال: ورواه بعضهم بالتشديد، ومعناه: ما لكم لا تقبلوا قراكم؟ وأيّ شيء منعكم ذلك، وأحوجكم إلى تركه؟ انتهى (٢).

وقال القرطبيّ بعد ذكر كلام عياض المذكور: قلت: ويلزم على هذا ثبوت النون من "تقبلون"؛ إذ لا موجب لحذفها مع الاستفتاح، قال: "وما


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٩ - ٣١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ٢١.