وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الأَوَّلُ: مُفْتَتَح العدد، وهو الذي له ثانٍ، ويكون بمعنى الواحد، ومنه في صفات الله تعالى هو الأَوَّلُ؛ أي: هو الواحد الذي لا ثاني له، وعليه استعمال المصنِّفين في قولهم: وله شروط: الأَوَّلُ كذا، لا يراد به السابق الذي يترتب عليه شيء بعده، بل المراد الواحد، وقول القائل: أول وَلَدٍ تَلِده الأَمَةُ حُرُّ محمول على الواحد أيضًا، حتى يتعلق الحكم بالولد الذي تلده سواءٌ ولدت غيره أم لا.
إذا تقرر أنَّ الأول بمعنى الواحد، فالمؤنثة هي الأُوْلَى، بمعنى الواحدة أيضًا، ومنه قوله تعالى:{إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}[الدخان: ٥٦]؛ أي: سوى الموتة التي ذاقوها في الدنيا، وليس بعدها أخرى، وقد تقدم في الآخر أنه يكون بمعنى الواحد، وأن الأخرى بمعنى الواحدة، فقوله في ولوغ الكلب:"يُغسَل سبعًا"، في رواية:"أُولاهُنَّ"، وفي رواية:"أُخْرَاهُنَّ"، وفي رواية:"إِحْدَاهُنَّ"، الكل ألفاظ مترادفة على معنى واحد، ولا حاجة إلى التأويل، وتَنَبَّهْ لهذه الدقيقة، وتخريجها على كلام العرب، واستَغْنِ بها عما قيل من التأويلات، فإنها إذا عُرِضت على كلام العرب لا يقبلها الذوق.
وتجمع الأُوْلَى على الأُوْلَيَات، والأوَل، والعشرُ الأُوَلُ، والأَوَائِلُ أيضًا؛ لأنه صفة الليالي، وهي جمع مؤنث، ومنه قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (٢)} [الفجر: ١، ٢]، وقول العامة:"العَشْرُ الأَوَّلُ" بفتح الهمزة، وتشديد الواو خطأ.
وأما وزن أَوّل قيل: فوعل، وأصله وَوْوَلٌ، فقُلبت الواو الأُولى همزة، ثم أُدغم، ولهذا اجترأ بعضهم على تأنيثه بالهاء، فقال: أَوَّلَةٌ، وليس التأنيث بالمرضيّ، وقال المحققون: وزنه أفعل، من آل يؤول: إذا سَبَقَ، وجاء، ولا يلزم من السابق أن يلحقه شيء، وهذا يؤيد ما سَبَق من قولهم: أول ولد تلده؛ لأنه بمعنى ابتداء الشيء، وجائز أن لا يكون بعده شيء آخر، وتقول: هذا أول ما كَسَبت، وجائز أن لا يكون بعده كَسْب آخر، والمعنىْ هذا ابتداء كسبي، والأصل: أأول بهمزتين، لكن قُلبت الهمزة الثانية واوًا، وأدغمت في الواو، قال الجوهريّ: أصله أوأل بهمز الوسط، لكن قُلبت الهمزة واوًا للتخفيف، وأدغمت في الواو، والجمع: الأَوَائِلُ، وجاء في أَوَائِل القوم: جمع أول؛