للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوحشة بينه وبين أضيافه، فأخزاه أبو بكر - رضي الله عنه - بالحِنث الذي هو خير (١).

وقوله: (هَلُمُّوا قِرَاكُمْ)؛ أي: أحضروه.

وقوله: (فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)؛ أي: لَمّا دخل أبو بكر - رضي الله عنه - في "الصباح ذهب أول النهار إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ ليُخبره بما جرى بينه وبين أضيافه تلك الليلة.

وقوله: (بَرُّوا) بفتح الموحّدة، وتشديد الراء، يقال: بَرِرْتَ، وبَرَرْتَ، بفتح الراء، وكسرها، وبَرّت اليمين تَبَرّ، كيَمَلّ، وَيحِلّ، بِرًّا، بالكسر، وبَرًّا بالفتح، وبُرُورًا، وأبرّها: أمضاها على الصدق، قاله المجد - رَحِمَهُ اللهُ -، وقال أيضًا: البَرّ في اليمين بالفتح، ويُكسر: الصدق (٢).

وقوله: (وَحَنِثْتُ) من باب عَلِمَ، يقال: حَنِث في يمينه يَحْنَثُ حِنْثًا: إذا لَمْ يَفِ بموجبها، قاله الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٣).

والمعنى: أنَّ الأضياف بَرُّوا في يمينهم؛ لأنهم حلفوا أن لا يأكلوا إلَّا إذا أكل، وقد أكل معهم، وحنِثت أنا يميني؛ لأنني حلفت أن لا آكل من ذلك الطعام مطلقًا، ثم أكلت، فحنثت في يميني.

وقوله: ("بَلْ أَنْتَ أَبَرُّهُمْ)؛ أي: أكثرهم طاعةً، وخيرٌ منهم؛ لأنك حَنِثت في يمينك حِنثًا مندوبًا إليه، محثوثًا عليه، فأنت أفضل منهم.

وقوله: (وَأَخْيَرُهُمْ") هكذا هو في جميع النُّسخ: "وأخيرهم" بالألف، وهي لغة سبق بيانها مرات، قاله النوويّ (٤).

قال الجامع عفا الله عنه: أخير، وأشرّ أصلان لخير وشرّ، قال ابن مالك - رَحِمَهُ اللهُ - في "الكافية":

وَغَالِبًا أَغْنَاهُمُ خَيْرٌ وَشَرٌّ … عَنْ قَوْلِهِمْ أَخْيَرُ مِنْهُ وَأَشَرّ

وقوله: (قَالَ: وَلَمْ تَبْلُغْنِي كَفَّارَةٌ) فاعل "قال" يَحْتَمل أن يكون ضمير أبي عثمان النَّهْديّ، وهو الظاهر، ويَحْتَمِل أن يكون مَن دونه، والله تعالى أعلم.


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ٢٢، و"إكمال المعلم" ٦/ ٥٥١.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٩٤.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ١٥٤.
(٤) "شرح النوويّ" ١٤/ ٢٢.