للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فمن مقدّمة هذه المبادئ أن اللباس يجب أن يكون ساترًا لعورة الإنسان، فالإسلام يُلزم الرجل أن يلبس ما يستر ما بين سرّته وركبتيه، ويُلزم المرأة أن تستر جميع جسدها ما عدا وجهها وكفّيها، وقدميها على خلاف في ذلك، فسترُ العورة من أهمّ ما يُقصد باللباس، قال الله - سبحانه الله وتعالى -: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا} الآية [الأعراف: ٢٦] فبيّن الله - سبحانه الله وتعالى - أن مواراة السوءة، وهو ستر العورة من أعظم مقاصد اللباس، وإن اللباس الذي يُخلّ بهذا المقصد يُهمل ما خُلق اللباس لأجله، فيَحْرُم على الإنسان استعماله، فكلّ لباس ينكشف معه جزء من عورة الرجل والمرأة لا تُقرّه الشريعة الإسلاميّة مهما كان جميلًا، أو موافقًا لِدُور الأزياء، وكذلك اللباس الرقيق، أو اللاصق بالجسم الذي يحكي للناظر شكل حصّة من الجسم الذي يجب سَتْره، فهو في حكم ما سبق في الحرمة، وعدم الجواز.

والمبدأ الثاني أن اللباس إنما يُقصد به الستر والتجمّل، أما الستر فَلِما سبق، وأما التجمّل فلأن الله - سبحانه الله وتعالى - سمّاه زينة في قوله - عز وجل -: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]، وفي قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢]، وقد أخرج النسائيّ عن أبي الأحوص، عن أبيه قال: دخلت على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فرآني سيئ الهيئة، فقال: "ألك من مال؟ " قلت: نعم، من كلّ المال قد آتاني الله، فقال: "إذا كان لك مالٌ، فَلْيُرَ عليك" (١)، وفي رواية ابن حبّان في "صحيحه"، عن أبي الأحوص، عن أبيه أنه أَتَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشعث، أغبر، في هيئة أعرابيّ، فقال: "ما لك من المال؟ " قال: من كل المال قد آتاني الله، قال: "إن الله إذا أنعم على العبد نعمةً، أحب أن تُرَى به" (٢).

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يُحبّ أن يُرى أثرُ نعمته على عبده"، أخرجه الترمذي، وحسّنه (٣).

وأما ما يُقصد به الخيلاء، والكبر، أو الأشر، والبطر، أو الرياء، فهو


(١) "السنن الكبرى" للنسائيّ ٥/ ٤٥٩.
(٢) "صحيح ابن حبان" ١٢/ ٢٣٥.
(٣) "سنن الترمذيّ" ٥/ ١٢٣.