الحقّ، وقد تقدّم البحث فيه مستوفًى، في "كتاب النكاح"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
(وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ)؛ أي: إشاعته، وإكثاره، وأن يبذُله لكلّ مسلم، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر:"وتقرأ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف"، وسبق بيان هذا في "كتاب الإيمان"، في حديث:"أفشوا السلام".
وفي الرواية الآتية من طريق شعبة، عن الأشعث بلفظ:"ورَدِّ السلام"، ولا مغايرة بين الروايتين في المعنى؛ لأن ابتداء السلام وردَّه متلازمان، وإفشاء السلام ابتداءً يستلزم إفشاءَهُ جوابًا.
وقال في "الفتح": والمراد من إفشاء السلام نَشْره بين الناس ليُحْيُوا سُنَّته، وقد جاء إفشاء السلام من حديث البراء - رضي الله عنه - بلفظ آخر، أخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد"، وصححه ابن حبّان، من طريق عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عنه رفعه:"أفشوا السلام تَسْلَموا"، وله شاهد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، مرفوعًا:"ألا أدلّكم على ما تَحابّون به؟ أفشوا السلام بينكم".
وعن عبد الله بن سَلَام رفعه:"أطعموا الطعام، وأفشوا السلام … " الحديث، وفيه:"تدخلوا الجنّة بسلام". أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وصححه الترمذيّ، والحاكم، وللأولين، وصححه ابن حبّان، من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - رفعه:"اعبدوا الرحمن، وأفشوا السلام … " الحديث، وفيه:"تدخلوا الجنّة".
ومن الأحاديث في إفشاء السلام: ما أخرجه النسائيّ في "عمل اليوم والليلة"، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، رفعه:"إذا جاء أحدكم إلى القوم، فليُسلّم، وإذا قام فليسلّم، فليست الأولى بأحقّ من الآخرة". وأخرج ابن أبي شيبة، من طريق مجاهد، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، قال:"إن كنت لَأَخرج إلى السوق، وما لي حاجة إلا أن أسلّم، ويُسلَّم عليّ".
والأحاديث في إفشاء السلام كثيرة، منها عند البزّار، من حديث ابن الزبير، وعند أحمد من حديث عبد الله بن الزبير، وعند الطبرانيّ من حديث ابن مسعود، وأبي موسى، وغيرهم.