للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: اختَلَفَ العلماء في معنى "نحن أحقّ بالشك من إبراهيم" على أقوال كثيرة، قال الحاقظ أبو عوانة في "مسنده" بعد إخراجه، ما نصّه: سمعت أبا حاتم الرازيّ يقول: يعني نحن أحقّ بالمسألة، وسمعتُ القاضي إسماعيل يقول: كان يعلم بقلبه أن الله يحيي الموتى، ولكنه أحبّ أن يرى معاينة. انتهى (١).

وقال الحافظ ابن حبّان - رحمه الله - في "صحيحه" بعد إخراج الحديث، ما نصّه: قال أبو حاتم: قوله: "نحن أحقّ بالشكّ من إبراهيم" لم يُرد به إحياء الموتى، إنما أراد به في استجابة الدعاء له، وذلك أن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: ٢٦٠]، ولم يتيقّن أنه يُستجاب له فيه، يريد في دعائه، وسؤاله ربَّه عمّا سأل، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "نحن أحقّ بالشكّ من إبراهيم" به في الدعاء؛ لأنا إذا دعونا، ربّما يُستجاب لنا، وربّما لا يُستجاب، ومحصول هذا الكلام أنه لفظةُ إخبار، مرادها التعليم للمخاطب له. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رحمه الله - في "شرحه": اختلف العلماء في معنى "نحن أحقّ بالشكّ من إبراهيم" على أقوال كثيرة، أحسنُها وأصحُّها ما قاله الإمام أبو إبراهيم المزنيّ، صاحب الشافعيّ، وجماعات من العلماء:

قال: معناه: إن الشك مستحيل في حق إبراهيم - عليه السلام -، فإن الشك في إحياء الموتى، لو كان متطرقًا إلى الأنبياء، لكنت أنا أحقّ به من إبراهيم، وقد علمتم أني لم أشكّ، فاعلموا أن إبراهيم، لم يشكّ.

وإنما خَصّ إبراهيم؛ لكون الآية قد يَسْبِق إلى بعض الأذهان الفاسدة منها احتمال الشكّ.

وإنما رَجَّح إبراهيمَ على نفسه - صلى الله عليه وسلم - تواضعًا وأدبًا، أو قبل أن يَعْلَم - صلى الله عليه وسلم - أنه خير ولد آدم.

قال صاحب "التحرير": قال جماعة من العلماء: لَمّا نزل قول الله تعالى: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} [البقرة: ٢٦٠] قالت طائفة: شَكَّ إبراهيم، ولم يَشُكَّ نبيّنا، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "نحن أحقّ بالشك منه"، فذكر نحو ما قدمته، ثم قال: ويقع لي فيه معنيان:


(١) راجع: "مسند أبي عوانة" ١/ ٧٨ - ٧٩ رقم (٢٣٢).
(٢) راجع: "الإحسان" ١٤/ ٨٩ - ٩٠ رقم (٦٢٠٨).