للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قأما قوله في هذا الحديث: "حُلّة سيراء"، فإن أهل العلم يقولون: إنها كانت حلة من حرير، ولا يختلفون في الثوب المُصْمَت الحرير الصافي الذي لا يخالطه غيره أنه لا يحل للرجال لباسه، واختلفوا في الثوب الذي يخالطه الحرير على ما نذكره في هذا الباب إن شاء الله.

وأما أهل اللغة فإنهم يقولون: الحلة السيراء هي التي يخالطها الحرير، قال الخليل بن أحمد: السيراء بُرود يخالطها حرير، وقال غيره: هي ضروب من الوشي، والبرود.

وأما الحلة عندهم فثوبان اثنان، لا يقع اسم الحلة على واحد، وأما الحلة المذكورة في هذا الحديث فحرير كلها بنقل الثقات لذلك. انتهى (١).

[تنبيه]: اختُلِف في قوله: "حلة سيراء"، هل هو بالإضافة، أو لا؟ فوقع عند الأكثر بتنوين "حلّة"، على أنّ "سيراء" عطف بيان، أو نعت، وجزم القرطبيّ بأنه الرواية. وقال الخطابيّ: قالوا: "حلّةٌ سيراءُ"، كما قالوا: "ناقةٌ عُشَراءُ"، ونقل عياض عن أبي مروان ابن السرّاج أنه بالإضافة، قال عياض: وكذا ضبطناه عن متقني شيوخنا، وقال النوويّ: إنه قول المحققين، ومتقني العربية، وإنه من إضافة الشيء لصفته، كما قالوا: ثوب خزّ. انتهى.

وفي الرواية الآتية من طريق سالم، عن أبيه: "قال: وجد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حُلّة من إستبرق، تباع بالسوق … "، والإستبرق: ما غلظ من الحرير، وفي رواية عند النسائيّ: "أن عمر كان مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في السوق، فرأى الحلّة"، ولا تعارض بين هذا، وبين قوله: (عِنْدَ بَاب الْمَسْجِدِ)؛ أي: النبويّ؛ لأن طرف السوق كان يَصِل إلى قرب باب المسجد، قاله الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (٢).

(فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ) "لو" هنا للتمنّي، أو للعَرْض، فلا تحتاج إلى جواب، ويَحْتَمِل أن تكون شرطية، حُذف جوابها؛ أي: لكان خيرًا.


(١) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١٤/ ٢٤٢.
(٢) "الفتح" ١٣/ ٣٢٤، كتاب "اللباس" رقم (٥٨٤١).