للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على فقرائكم، وكذلك كل ما يجب أن يؤخذ منهم، فواجب أن يُرَدّ على فقرائهم، وأجمعوا أن الزكاة المفروضة لا تحل لغير المسلمين، فسائر ما يجب أداؤه عليهم من زكاة الفطر، وكفارة الأيمان، والظهار فقياس على الزكاة عندنا، وأما التطوع بالصدقة فجائز على أهل الكفر من القرابات وغيرهم، لا أعلم في ذلك خلافًا، والله أعلم. انتهى.

قال: روى الثوريّ، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كانوا يكرهون أن يَرْضخوا لأنسابهم من أجل الكفر، فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} [البقرة: ٢٧٢].

ثم أخرج بسنده عن عكرمة، أن صفية زوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالت لأخ لها يهوديّ: أسلم ترثني، فسمع ذلك قومه، فقالوا: أتبيع دينك بالدنيا؟ فأبى أن يُسلم، فأوصت له بالثلث.

ثم أخرج عن فاطمة ابنة المنذر، عن جدّتها أسماء بنت أبي بكر، قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت: أتتني أمي، وهي راغبة، فأعطيها؟ قال: "نعم، فَصِلِيها" (١).

وذكر في "الفتح" تعقّبًا على قول ابن عبد البرّ: فيه جواز الهديّة للكافر، ولو كان حربيًّا.

فقال: وتُعُقّب بأن عُطاردًا إنما وَفَد سنة تسع، ولم يبق بمكة بعد الفتح مشرك.

وأجيب بأنه لا يلزم من كون وفادة عطارد سنة تسع أن تكون قصة الحلّة كانت حينئذ، بل جاز أن تكون قبل ذلك، وما زال المشركون يَقْدَمون المدينة، ويُعاملون المسلمين بالبيع وغيره، وعلى تقدير أن يكون ذلك سنة الوفود، فيَحْتَمِل أن يكون في المدّة التي كانت بين الفتح، وحجّ أبي بكر - رضي الله عنه -، فإنّ مَنْع المشركين من مكة إنما كان من حجة أبي بكر - رضي الله عنه - سنة تسع، ففيها وقع النهي


(١) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١٤/ ٢٦٤.