للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه آخر]: اعترض بعض من شرح الكتاب (١) على هذا الحديث، فقال: وحديث ابن عمر هذا في رواية سالم عنه معارضة بين رواياته: بعضها قيّدت بإستبرق، وبعضها قيّدت بديباج، وهما ضدّان، فتساقطتا، وبقيت الرواية المطلقة، وهي رواية نافع، فرجحت. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الاعتراض عجيب من هذا القائل، والحديث متّفقٌ عليه، وقد أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" بهذا اللفظ، فلا أدري من أين أتاه هذا الاعتراض؟، ولم يتكلّم أحد من شرّاح الكتابين بما قاله، لا الحافظ في "الفتح"، ولا غيره، وأيضًا فأين التعارض الذي ادّعاه؟ فإن معنى الإستبرق، والديباج واحدٌ، فقد فسّر المفسّرون قوله تعالى: {مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} [الكهف: ٣١] بأن السندس ما رق من الديباج، والإستبرق: ما غلُظ منه أي من الديباج، فالديباج أعمّ، والإستبرق داخل في معناه؛ لأنه نوع منه، فلا تعارض بينهما، فتأمله بالإمعان، والله تعالى المستعان.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال:

[٥٣٩٨] (٢٠٦٩) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِك، عَنْ عَبْدِ اللهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ خَالَ وَلَدِ عَطَاءٍ، قَالَ: أَرْسَلَتْنِي أَسْمَاءُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَقَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ ثَلَاَثَةً (٢): الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ، وَمِيثَرَةَ الأُرْجُوَان، وَصَوْمَ رَجَبٍ كُلِّه، فَقَالَ لِي عَبْدُ اللهِ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ رَجَبٍ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الأَبَدَ؟ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْعَلَمِ فِي الثَّوْب، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ"، فَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ الْعَلَمُ مِنْهُ، وَأَمَّا مِيثَرَةُ الأُرْجُوَان، فَهَذِهِ مِيثَرَةُ عَبْدِ الله، فَإِذَا هِيَ أُرْجُوَانٌ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَسْمَاءَ، فَخَبَّرْتُهَا (٣)، فَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأخْرَجَتْ إِلَيَّ جُبَّةَ طَيَالَسَةٍ، كِسْرَوَانِيَّةً، لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ، وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاج، فَقَالَتْ: هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ


(١) هو: الشيخ الهرريّ، راجع: "شرحه" ٢١/ ٣٢٩.
(٢) وفي نسخة: "ثلاثًا".
(٣) وفي نسخة: "فأخبرتها".