عن سعيد بن المسيِّب، عن ابن عباس، نحوه، وهذه طُرُقٌ يَشُدُّ بعضها بعضًا.
وإلى ذلك جَنَحَ عطاءٌ، فرَوَى ابن أبي حاتم، من طريق ابن جريج: سألت عطاء عن هذه الآية، قال: دَخَلَ قلب إبراهيم؛ بعضُ ما يدخل قلوب الناس، فقال ذلك، ورَوَى الطبري من طريق سعيد، عن قتادة، قال: ذُكِر لنا أن إبراهيم أَتَى على دابة، تَوَزَّعتها الدوابُّ والسباع، ومن طريق حَجّاج، عن ابن جريج، قال: بلغني أن إبراهيم أَتَى على جيفة حمار، عليه السباع والطير، فعَجِبَ، وقال: رب لقد علمتُ لتجمعنَّها، ولكن رب أرني كيف تحيي الموتى.
وذهب آخرون إلى تأويل ذلك، فرَوَى الطبريّ، وابن أبي حاتم، من طريق السُّدّيّ، قال: لَمّا اتخذ الله إبراهيم خليلًا، استأذنه ملك الموت أن يُبَشِّره، فأَذِن له، فذكر قصةً معه في كيفية قبض روح الكافر والمؤمن، قال: فقام إبراهيم يدعو ربه: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى}[البقرة: ٢٦٠] حتى أعلمَ أني خليلك.
ورَوَى ابن أبي حاتم، من طريق أبي العَوّام، عن أبي سعيد، قال: ليطمئن قلبي بالخُلَّة، ومن طريق قيس بن مسلم، عن سعيد بن جبير، قال: ليطمئن قلبي أني خليلك، ومن طريق الضحاك عن ابن عباس: لأعلم أنك أجبت دعائي، ومن طريق عليّ بن أبي طلحة عنه: لأعلم أنك تجيبني إذا دعوتك، وإلى هذا الأخير جَنَحَ القاضي أبو بكر الباقلاني.
وحكى ابن التين عن الداوديّ الشارح أنه قال: طَلَب إبراهيم ذلك؛ لتذهب عنه شدّة الخوف، قال ابن التين: وليس ذلك بالبَيِّن.
وقيل: كان سبب ذلك أن نُمرود لَمّا قال له: ما ربك؟ قال: ربي الذي يحيي ويميت، فذكر ما قَصَّ الله، مما جَرَى بينهما، فسأل إبراهيم بعد ذلك ربه أن يريه كيفية إحياء الموتى من غير شكّ منه في القدرة، ولكن أحبَّ ذلك، واشتاق إليه، فأراد أن يطمئن قلبه بحصول ما أراده، أخرجه الطبري عن ابن إسحاق.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان، عن عكرمة قال: المراد ليطمئن قلبي أنهم يعلمون أنك تحيي الموتى.
وقيل: معناه أقدرني على إحياء الموتى، فتأدَّب في السؤال.
وقال ابن الحصار: إنما سأل أن يُحيي الله الموتى على يديه، فلهذا قيل له في الجواب:{فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ}[البقرة: ٢٦٠].