للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معنى قول ابن عمر هذا: أنه إذا كان صوم الأبد جائزًا، فكيف لا يكون صوم رجب كلّه جائزًا؟ وهذا تكذيب لمن نقل عنه، وإبطال لقول من يقول بذلك، - وقد تقدّم في "كتاب الصيام" الاختلاف في صوم الأبد. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد أسلفت في "كتاب الصيام" [٣٧/ ٢٧٢٩] (١١٥٩) ترجيح القول بتحريم صيام الدهر؛ لقوّة حججه، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.

(وَأمَّا مَا ذَكَرْتَ) بفتح التاء للمخاطب أيضًا، (مِنَ الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ)؛ أي: من تحريمي العَلَم في الثوب، (فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطابِ) - رضي الله عنه - (يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ" أي: لا نصيب، ولا حظّ له، (فَخِفْتُ) بكسر الخاء، من باب فَهِمَ، (أَنْ يَكُونَ الْعَلَمُ مِنْهُ)؛ أي: من جملة ما نُهي عنه في هذا الحديث، قال النوويّ: وأما ما ذَكَرَتْ عنه من كراهة العَلَم، فلم يعترف بأنه كان يُحَرِّمه، بل أخبر أنه تَوَرَّع عنه خوفًا من دخوله في عموم النهي عن الحرير. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: مَنْعُ عبد الله العَلَم الحرير في الثوب؛ إنما كان لأنَّه تمسّك بعموم النهي عن لبس الحرير، وكأنَّه لم يبلغه حديث عمر - رضي الله عنه - الذي رواه عنه سُويد بن غَفَلة الآتي في آخر الباب، والصواب إعمال ذلك المخَصِّص في النهي العام، ولأجل هذا المخَصِّص قال ابن حبيب: إنه يرخَّص في لبس العَلَم، والصلاة فيه، وإن عَظُم.

قال القرطبيّ: ويعني بقوله: وإن عَظُم، إذا بلغ أربع أصابع؛ الذي هو غاية الرخصة المذكورة في الحديث، ورُوي عن مالك اختلاف في قدر الأصبع من الحرير يكون في الثوب، فنهى عنه مرة، وأجازه أخرى. انتهى (٣).

(وَأَمَّا مِيثَرَةُ الأُرْجُوَان، فَهَذِهِ مِيثَرَةُ عَبْدِ اللهِ) هذا فيه التفات؛ لأن ظاهره أن يقول: فهذه مِيثرتي، والله تعالى أعلم.


(١) "المفهم" ٥/ ٣٩٢.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ٤٢.
(٣) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٣٩٢.