للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَإِذَا هيَ أُرْجُوَانٌ) قال القرطبيّ: يعني أنه كان يستعمل مِيثرة الأُرجوان، فكيف يُحَرِّمها؟! وهذا يبطل قول من فسَّر الميثرة المنهيّ عنها بأنها من أرجوان. انتهى (١).

وقال النوويّ: وأما الميثرة فأنكر ما بلغها عنه فيها، وقال: هذه مِيثرتي، وهي أرجوان، والمراد أنها حمراء، وليست من حرير، بل من صوف، أو غيره، وقد سبق أنها قد تكون من حرير، وقد تكون من صوف، وأن الأحاديث الواردة في النهي عنها مخصوصة بالتي هي من الحرير. انتهى (٢).

(فَرَجَعْتُ إِلَى أَسْمَاءَ، فَخَبَّرْتُهَا (٣)، فَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قَصَدَتْ أسماء - رضي الله عنها - بإخراجها جبة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - المكفوفة بالحرير بيان أن هذا ليس محرمًا، وهكذا الحكم عند الشافعيّ وغيره أن الثوب، والجبة، والعمامة، ونحوها إذا كان مكفوف الطرف بالحرير جاز، ما لم يزد على أربع أصابع، فإن زاد فهو حرام؛ لحديث عمر - رضي الله عنه - المذكور بعد هذا. انتهى (٤).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقول أسماء: "هذه جبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " تَحتجُّ بذلك على جواز العَلَم من الحرير، فإنَّ الجبَّة كان فيها لِبْنَةٌ من حرير، وكانت مكفوفة بالحرير، ووجه الاحتجاج بذلك أنه إذا كان القليل من الحرير الْمُصمت المخيط في الثوب جائزًا، كان العَلَم بالجواز أولى، ولا يلتفت إلى قول من قال: إن ذلك الحرير وُضع في الجُبَّة بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّه لو كان كذلك لَمَا احتجّت به أسماء - رضي الله عنها -، ولكان الواضع معروفًا عندهم، فإنَّ الاعتناء بتلك الجبَّة كان شديدًا، وتحفّظهم بها كان عظيمًا؛ لأنَّها من آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتداولة عندهم للتذكر، والتبرك، والاستشفاء، فيَبعد ذلك الاحتمال، بل يبطل، بدليل قولها: "هذه كانت عند عائشة - رضي الله عنها - "، إلى آخر الكلام، فتأمَّله، فإنَّه يدلّ على ذلك دلالة واضحة. انتهى (٥).


(١) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٣٩٢ - ٣٩٣.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ٤٢.
(٣) وفي نسخة: "فأخبرتها".
(٤) "شرح النوويّ" ١٤/ ٤٢.
(٥) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٣٩٣.