للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللُّبس، وهو متعدّ لمفعول واحد، وهو قوله: (الْحَرِيرَ، فَإِنَّهُ) الفاء للتعليل أيضًا، (مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ") قال في "الفتح": في رواية الكشميهنيّ: "لن يلبسه والمحفوظ من هذا الوجه: "لم"، وكذا أخرجه مسلم، والنسائيّ، وزاد النسائيّ، في رواية جعفر بن ميمون في آخره: "ومن لم يلبسه في الآخرة لم يدخل الجنة، قال الله تعالى: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: ٢٣] "، وهذه الزيادة مدرجة في الخبر، وهي موقوفة على ابن الزبير، بَيَّن ذلك النسائيّ أيضًا من طريق شعبة، فذكر مثل سند حديث الباب، وفي آخره: قال ابن الزبير، فذكر الزيادة، وكذا أخرجه الإسماعيليّ من طريق عليّ بن الجعد، عن شعبة، ولفظه: "فقال ابن الزبير من رأيه: ومن لم يلبس الحرير في الآخرة لم يدخل الجنة، وذلك لقوله تعالى: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} ".

وقد جاء مثل ذلك عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أيضًا، أخرجه النسائيّ من طريق حفصة بنت سيرين، عن خليفة بن كعب، قال: "خطبنا ابن الزبير … " فذكر الحديث المرفوع، وزاد: "فقال: قال ابن عمر: إذًا والله لا يدخل الجنة، قال الله: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} ".

وأخرج أحمد، والنسائيّ، وصححه الحاكم، من طريق داود السّرّاج، عن أبي سعيد، فذكر الحديث المرفوع، مثل حديث عمر هذا في الباب، وزاد: "وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة، ولم يلبسه هو".

وهذا يَحْتَمِل أن يكون أيضًا مدرجًا، وعلى تقدير أن يكون الرفع محفوظًا، فهو من العامّ المخصوص بالمكلَّفين من الرجال؛ للأدلة الأخرى بجوازه للنساء. انتهى (١).

وقال السنديّ رَحِمَهُ اللهُ عند قوله: "لم يدخل الجنة، قال الله تعالى: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} ": وهذا منه - رضي الله عنه - استنباط لطيفٌ، لكن دلالة الكلام على الحصر غير لازم. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.


(١) "الفتح" ١٣/ ٣٠٨، كتاب "اللباس" رقم (٥٨٣٤).
(٢) "حاشية السنديّ على النسائيّ" ٨/ ٢٠١.