للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على الكراهة. واختُلف فيه ما هو؟ فقيل: ما سَداه حرير، قال ابن حبيب: ليس بين الخزّ وما سداه حرير، ولحمته قطن، أو غيره فرقٌ إلا الاتّباع، فإنه حُكي إباحة الخزّ عن خمسة وعشرين من الصحابة، منهم: عثمان بن عفّان، وسعيد بن زيد، وعبد الله بن عبّاس، وخمسة عشر تابعيًّا، وكان عبد الله بن عمر يكسو بنيه الخزّ. وقيل في الخزّ: إنه يُشبه الحرير، وليس به، ويكره لِشَبَهه بالحرير، وللسرف. قال: واختُلف في علّة تحريم الحرير للرجال، فقال الأبهريّ: هي التشبّه بالنساء. وقيل: ما يجرّه من الخيلاء. وقيل: التشبّه بالكفّار الذين لا حظّ لهم في الآخرة، وهذا هو الذي دلّ عليه الحديث. انتهى (١).

وقال في "الفتح": واختُلف في علة تحريم الحرير على رأيين مشهورين:

[أحدهما]: الفخر والخيلاء.

[والثاني]: لكونه ثوب رفاهية وزينة، فيليق بزي النساء، دون شهامة الرجال. ويحتمل علةً ثالثة، وهي التشبه بالمشركين، قال ابن دقيق العيد: وهذا قد يرجع إلى الأول؛ لأنه من سمة المشركين، وقد يكون المعنيان معتبَرَين، إلا أن المعنى الثاني، لا يقتضي التحريم؛ لأن الشافعي قال في "الأم": ولا أكره لباس اللؤلؤ، إلا للأدب، فإنه زيّ النساء.

واستُشكِل بثبوت اللعن للمتشبِّهين من الرجال بالنساء، فإنه يقتضي منع ما كان مخصوصًا بالنساء في جنسه، وهيئته، وذكر بعضهم علة أخرى، وهي السرف، والله أعلم، ذكره في "الفتح" (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من ذِكر أقوال أهل العلم، وأدلّتهم في مسألة لبس الحرير والديباج أن ما ذهب إليه الجمهور من تحريمه على الرجال مطلقًا، إلا ما استثني، كما سيأتي، وإباحته للنساء هو الحقّ؛ لوضوح أدلّته، وقوّة حججه.

وأما تَمَسّك من منع استعمال النساء للحرير والديباج؛ بأن حذيفة - رضي الله عنه - استَدَلّ به على تحريم الشرب في إناء الفضة، وهو حرام على النساء والرجال


(١) "المفهم" ٥/ ٣٨٦ - ٣٨٧.
(٢) "الفتح" ١٣/ ٣٠١ - ٣٠٢، كتاب "اللباس" رقم (٥٨٢٨).