للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معنى، وقال عياض: لم يشكّ إبراهيم بأن الله يحيي الموتى، ولكن أراد طمأنينة القلب، وترك المنازعة لمشاهدة الإحياء، فحصل له العلم الأول بوقوعه، وأراد العلم الثاني بكيفيته ومشاهدته.

ويحتمل أنه سأل زيادة اليقين، وإن لم يكن في الأول شكّ؛ لأن العلوم قد تتفاوت في قوتها، فأراد الترقي من علم اليقين إلى عين اليقين، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (وَيَرْحَمُ اللهُ لُوطًا) جملة خبريّة لفظًا، إنشائيّة معنًى؛ لأن المراد بها الدعاء له بالرحمة.

و"لوط" - عليه السلام - من المرسلين، ذكر الله - سبحانه وتعالى - قصّته في قوله: {وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٣)} الآيات [الصافات: ١٣٣]، وغيرها من الآيات.

يقال: إنه لوط بن هاران بن تارخ، وهو ابن أخي إبراهيم - عليه السلام -، وقد قَصّ الله تعالى قصته مع قومه في "الأعراف"، و"هود"، و"الشعراء"، و"النمل"، و"الصافات"، وغيرها.

وفي رواية البخاريّ: "يغفر الله للوط، إِنْ كان لَيأوِي إلى ركن شديد".

وحاصل قصّته أن قومه؛ ابتدعوا وطء الذكور، فدعاهم لوط - عليه السلام - إلى التوحيد، وإلى الإقلاع عن الفاحشة، فأصَرُّوا على الامتناع، ولم يتفق أن يساعده منهم أحدٌ، وكانت مدائنهم تُسَمَّى سَدُوم، وهي بغور زغر، من البلاد الشامية، فلما أراد الله إهلاكهم، بَعَثَ جبريل وميكائيل وإسرافيل إلى إبراهيم، فاستضافوه، فكان ما قَصّ الله في سورة هود، ثم توجهوا إلى لوط، فاستضافوه، فخاف عليهم من قومه، وأراد أن يُخْفِي عليهم خبرهم، فنَمَّت عليهم امرأته، فجاءوا إليه، وعاتبوه على كتمانه أمرهم، وظَنُّوا أنهم ظَفِرُوا بهم، فأهلكهم الله على يد جبريل، فقَلَبَ مدائنهم، بعد أن خرج عنهم لوط بأهل بيته، إلا امرأته، فإنها تأخرت مع قومها، أو خَرَجت مع لوط، فأدركها العذاب، فقلب جبريل المدائن بطرف جناحه، فصار عاليها سافلها، وصار مكانها بُحَيرة منتنة، لا يُنتَفَع بمائها، ولا بشيء مما حولها.

(لَقَدْ كانَ يَأْوِي) بفتح أوله، وكسر ثالثه، يقال: أوى إلى منزله يأوي، من باب ضَرَبَ أُويًّا: أقام، وربّما عُدِّي بنفسه، فقيل: أوى منزلَهُ، والمَأْوَى - بفتح