للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (إِصْبَعَيْنِ) بدل من"هكذا"، وفي رواية البخاريّ المذكورة: "إلا هكذا، وأشار لإصبعيه اللتين تليان الإبهام"، والمراد: الوسطى والسبّابة.

وقوله: (فَمَا عَتَّمْنَا … إلخ) بفتح الفاء، بعدها "ما" النافية، و"عتّمنا" بمثنّاة فوقيّة؛ أي: ما أبطأنا في معرفة ذلك لَمّا سَمِعناه، قال أبو عبيد: العاتم: البطيء، يقال: عَتَم الرجل الْقِرَى: إذا أخّره.

وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "فما عَتّمنا أنه يعني الأعلام"، هكذا ضبطناه "عَتَّمنا" بعين مهملة مفتوحة، ثم تاء مثناة فوقُ مشدّدة مفتوحة، ثم ميم ساكنة، ثم نون، ومعناه: ما أبطأنا في معرفة أنه أراد الأعلامَ، يقال: عَتَمَ الشيءُ: إذا أبطأ، وتأخر، وعَتَمْتُهُ: إذا أخّرته، ومنه حديث سلمان الفارسيّ - رضي الله عنه - أنه غَرَس كذا وكذا أوديةً، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - يناوله، وهو يغرس، فما عَتَمَت منها واحدة؛ أي: ما أبطأت أن عَلَّقت، فهذا الذي ذكرناه، من ضبط اللفظة وشرحها، هو الصواب المعروف الذي صرَّح به جمهور الشارحين، وأهل غريب الحديث، وذكر القاضي فيه عن بعضهم تغييرًا، واعتراضًا لا حاجة إلى ذكره؛ لفساده. انتهى كلام النوويّ رَحِمَهُ اللهُ (١).

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "فما عتّمنا أنه يعني الأعلام"، كذا رواية الصدفيّ، والأسديّ، ومعنى ذلك: أنا لم نتردّد، ولم نُبطئ، ورواه الطبريّ وغيره: "فما علمنا إلا أنه يريد الأعلام"، وهو واضحٌ، وكذا رواه قاسم بن أصبغ. انتهى (٢).

ووقع في رواية البخاريّ بلفظ: "فيما علمنا" بدل "فما عتّمنا"، فـ "ما" موصولة، و"عَلِمنا"، بفتح، فكسر، من العِلم.

وقوله: (أَنَّهُ يَعْني الأَعْلَامَ)؛ أي: يقصد بقوله: "إلا هكذا" مشيرًا بإصبعيه الأعلام، بفتح الهمزة، جمع عَلَم بالتحريك: ومعناه؛ أي: الذي حصل في عِلمنا أن المراد بالمستثنى الأعلامُ، وهي ما يكون في الثياب، من تطريف، وتطريز، ونحوهما، قاله في "الفتح" (٣).


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ٤٧ - ٤٨.
(٢) "المفهم" ٥/ ٣٩٦.
(٣) "الفتح" ١٣/ ٣٠٣ - ٣٠٤، كتاب "اللباس" رقم (٥٨٢٨).