للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: جواب النوويّ هذا هو الذي يسلكه دائمًا في الكتاب كلّه، وهو أن زيادة الثقة مقبولة، ولكن هذا ليس على إطلاقه، كما قدّمنا البحث عنه مستوفًى في غير هذا المحلّ، بل ذلك دائر مع القرائن، فإن دلّت قرينة لترجيح الزيادة رُجّحت، وإلا فلا، وهنا أن انتقاد الدارقطنيّ ليس بمجرّد مخالفة الثقة، بل مع أمر آخر، وهو كون ذلك الثقة، وهو قتادة مدلّسًا، فربّما أخذه من ضعيف، ودلّسه، فلا يمكن مع هذا ترجيح زيادة الثقة.

هذا حاصل انتقاد الدارقطنيّ، لكن دعواه تفرّد قتادة برفعه غير مسلَّم، فقد رفعه مع قتادة، ثلاثة من أصحاب الشعبيّ، وهم: داود بن أبي هند، وزكريّا بن أبي زائدة، وسعيد بن مسروق، كلّهم عن الشعبيّ، عن سويد بن غَفَلَة، عن عمر - رضي الله عنه - مرفوعًا، ويؤيّد هذا الرفع رواية إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سُويد بن غَفَلة، عن عمر مرفوعًا، وكذا رواية أبي عثمان النهديّ المتّفق عليه، وقد تقدّم حيث قال: "كنا مع عتبة بن فرقد، فجاءنا كتاب عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبوس الحرير إلا هكذا … " الحديث.

وقد ذكر الشيخ ربيع المدخليّ حفظه الله في دراسته "بين الإمامين: مسلم والدارقطنيّ" (١) كلام الدارقطنيّ هذا، وأطال البحث فيه، فأجاد، وأفاد، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رَحِمَهُ اللهُ أوّل الكتاب قال:

[٥٤٠٧] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرُّزِّيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ).

رجال هذا الإسناد: أربعة:

١ - (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرُّزِّيُّ) أبو جعفر البغداديّ، ثقةٌ يَهِمُ [١٠] (ت ٢٣١) (م د) تقدم في "الجهاد والسِّيَر" ٢٧/ ٤٦٠١.

[تنبيه]: قوله: "الرُّزِّيّ" بضمّ الراء، وتشديد الزاي: نسبة إلى الرزّ المعروف، ويقال له: الأرزيّ، قاله في "اللباب" (٢).


(١) "بين الإمامين: مسلم، والدارقطنيّ" ص ٣٤١ - ٣٤٧.
(٢) "اللباب في تهذيب الأنساب" ٢/ ٢٤.