للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كُئم قدر إصبعين، وهو تأويل بعيد من سياق الحديث، وقد وقع عند النسائيّ في رواية سويد: "لم يرخص في الديباج إلا في موضع أربعة أصابع".

قال: ولم يقع في رواية أبي عثمان في "الصحيحين" في استثناء ما يجوز من لبس الحرير إلا ذكر الإصبعين، لكن وقع عند أبي داود من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول في هذا الحديث: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن الحرير إلا ما كان هكذا، وهكذا، إصبعين، وثلاثةً، وأربعةً"، ولمسلم من طريق سُويد بن غَفَلة أن عمر خَطَب، فقال: "نَهَى رسول الله عن لبس الحرير، إلا موضع إصبعين، أو ثلاث، أو أربع". انتهى (١).

قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: وفي هذه الرواية إباحة العَلَم من الحرير في الثوب إذا لم يَزد على أربع أصابع، وهذا مذهبنا، ومذهب الجمهور، وعن مالك رواية بمنعه، وعن بعض أصحابه رواية بإباحة العَلَم بلا تقدير بأربع أصابع، بل قال: يجوز وإن عَظُم، وهذان القولان مردودان بهذا الحديث الصريح، والله أعلم. انتهى (٢).

والحديث بهذا السياق من أفراد المصنّف رَحِمَهُ اللهُ.

[تنبيه]: هذا الحديث مما استدركه الدارقطنيّ على مسلم، وقال: لم يرفعه عن الشعبيّ إلا قتادة، وهو مدَلِّس، ورواه شعبة عن أبي السَّفَر، عن الشعبيّ، من قول عمر موقوفًا، ورواه بيان، وداود بن أبي هند، عن الشعبيّ، عن سُويد، عن عمر، موقوفًا عليه، وكذا قال شعبة عن الحكم، عن خيثمة، عن سُويد، وقاله ابن عبد الأعلى، عن سُويد، وأبو حَصِين، عن إبراهيم، عن سُويد. انتهى كلام الدارقطنيّ رَحِمَهُ اللهُ.

قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ بعد نقل كلام الدارقطنيّ المذكور ما نصّه: وهذه الزيادة في هذه الرواية انفرد بها مسلم، لم يذكرها البخاريّ، وقد قدّمنا أن الثقة إذا انفرد برفع ما وقفه الأكثرون، كان الحكم لروايته، وحُكِم بأنه مرفوع على الصحيح الذي عليه الفقهاء، والأصوليون، ومحققو المحدثين، وهذا من ذاك، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ رَحِمَهُ اللهُ (٣).


(١) "الفتح" ١٣/ ٣٠٦.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ٤٨ - ٤٩.
(٣) "شرح النوويّ" ١٤/ ٤٨.